العامل الذي
أصبح وزيراً!!
علي بطيح العمري
الحديث عن النجاح يحلو دوماً ويطرب الناس على اختلاف
مشاربهم ومستوياتهم، فما منا إلا ويتمنى النجاح ويصبوا إليه.. فالنجاح ليس له مجال
محدد، وليس حكراً على أحد.. ومن النجاح أن نقرأ ونطلع على قصص وسير الناجحين، وكيف
حققوا نجاحاتهم، وكيف واجهوا الصعوبات التي اعترضتهم، وتغلبوا عليها.. ولابد أن
يستقر في أذهاننا أن النجاح ليس سلعة تشترى بالمال، وليس مالاً يمكن توريثه، وليس
هبة يمكن وهبها لمن تشاء ومن أحببت.. النجاح عمل واجتهاد، إصرار ومثابرة حتى تصل
إلى أعلى السلالم.
تقول الحكاية يا سادة ويا كرام..
جاء العامل السعودي في نهاية يوم شديد الحرارة قاصداً
برادة الماء ليشرب ويروي عطشه.. جاء مجهداً ومتعباً، وما أن ملأ الكأس وأراد أن
يبرد جوفه من لهيب الحر إلا وجاءه مهندس أمريكي وقال له بغلاظة وفظاظة: أنت عامل
ولا يحق لك الشرب من الخدمات الخاصة بالمهندسين!
رجع العامل المسكين مهموماً، وأخذ يفكر أياماً وأياماً
ويسأل نفسه: هل أستطيع أن أكون مهندساً يوماً ما وأكون مثل هؤلاء؟
توكل على الله وعقد العزم، وبدأ بالدراسة الليلية ثم
النهارية، وبعد السهر والجهد والتعب والسنين حصل على شهادة الثانوية.. ثم تم
ابتعاثه إلى أمريكا على حساب الشركة، وحصل على بكالوريوس في الهندسة ورجع لوطنه..
ظل يعمل بجد واجتهاد وتدرج في العمل في شركة أرامكو، وأصبح رئيس قسم ثم شعبة.. إلى
أن تم تعيينه كأول رئيس سعودي لشركة أرامكو، ثم عين فيما بعد وزيراً للبترول
والثروة المعدنية ورئيساً لأرامكو في عام 1995م.
أصبح ذلك العامل بالأمس ورئيس أرامكو اليوم مديراً على
المهندس الأمريكي الذي زجره ومنعه الماء قبل سنوات.. فصادف أن أحتاج الأمريكي إلى
توقيع إجازته من رئيس أرامكو.. وقال له: أرجو يا سيدي أن توافق على إجازتي، ولا
تجعل موقف "الماء" يؤثر على عملك الرسمي..!!! رد عليه بأخلاق الكبار:
أحب أن أشكرك من كل قلبي على منعي من الشرب.. صحيح أنني حقدت عليك ذلك الوقت ولكن
أنت السبب بعد الله فيما أنا عليه الآن!!
هل عرفتموه..؟
إنه المهندس "د. علي النعيمي"، وزير البترول
والثروة المعدنية في أيام مضت.. موقف بسيط غير حياته 180 درجة، ربما لو لم يحدث
ذلك الموقف الذي حرك هذا العامل، لما عرفنا من هو "النعيمي" ولا علمنا
عن قصته.
أخيراً..
ينبغي أن نتحدث ونتحدث دوماً عن النجاح وعن قصص الناجحين،
ونروي قصص النجاح لأولادنا وطلابنا ومن حولنا، لعل وعسى عدوى النجاح تصيب الناس،
وينتقل فيروسها إلى مجتمعاتنا فيجتاحها.. فما أجمل عدواه، وما أروع فيروساته!
* من روائع شيخنا الشافعي رحمه الله..
وتضيقُ دُنيانا
فنحسَبُ أنَّنا
سنموتُ يأساً
أو نَموت نَحيبا
واذا بلُطفِ
اللهِ يَهطُلُ فجأةً
يُربي منَ
اليَبَسِ الفُتاتِ قلوبا
قل للذي
مَلأ التشاؤمُ قلبَه
ومضى يُضيِّقُ
حولنا الآفاقا
سرُّ السعادةِ
حسنُ ظنك بالذي
خلق الحياةَ
وقسَّم الأرزاقا
ولكم
تحياااااتي
_________________________________________________________
نشر في اليوم، الجمعة 7 جمادى الآخرة 1439هــ
ملاحظة: وصلتنا تعقيبات من قراء كرام أبرزهم
الإعلامي الأستاذ عبد العزيز البدر، وأشكره على التعقيب، وقد قرأت القصة في أكثر من مرجع منها كتاب "ملهمون" الذي ذكر الاسم، عموماً العبرة بما في القصة من كفاح وجهد وصبر حتى صارت ملهمة لذوي النجاح والهمم العالية.. حيث قال في رسالته:
الأستاذ الفاضل علي العمري
تحيه وبعد
قرأت مقالتك اليوم عن الوزير النعيمي والتي
أوردت فيها قصة ذلك العامل الذي قصد برادة الماء وجاءه المهندس الأمريكي وقال له أنت
عامل إلى آخر القصة وقد نسبت هذه القصة خطأً إلى الوزير النعيمي وأوردها غيرك أيضا
والصحيح أنها للعامل سعد الشعيفان الذي أصبحت حافزاً له ودرس الهندسة بأمريكا ثم عاد
ليتدرج بالمناصب حتى وصل إلى نائب أعلى للرئيس وقد ذكرها لي الشعيفان شخصياً وسأنشرها
في كتاب عن ارامكو إن شاء الله
للتوضيح ولك خالص شكري.
أخوك عبد العزيز البدر