Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الجمعة، 16 أغسطس 2019

غير نفسك يتغير من حولك!


غير نفسك يتغير من حولك!

علي بطيح العُمري
يقولون كان هناك ملك يحكم دولة كبيرة، قام هذا الملك في يوم برحلة برية شاقة.. وعند العودة وجد أن رجليه تورمت بسبب المشي في الطرق الوعرة.. أصدر الملك أمراً بتغطية كل الشوارع بالجلد.. لكن أحد مستشاريه أشار عليه بعمل قطعة جلد تحت رجله.. ومنها ولدت فكرة النعال..
القصة تقول لنا: لا تحاول تغيير العالم.. غير نفسك أولاً!
لا تجهد نفسك في تغيير الناس فليس لديك عصا موسى، ولا خاتم سليمان.. لكن اجتهد وحاول وأبدأ بنفسك.

قرأت ذات مرة عن شخص. يقول ما معناه: في بداية حياتي كان حلمي تغيير العالم، فلما كبرت صغر الحلم قليلاً فأصبحت أحلم بتغيير بلادي التي أعيش فيها وأنتمي إليها.. فلما كبرت تصاغر الحلم فصرت أتمنى تغيير المدينة.. وكلما كبرت في العمر تضاءل الحلم.. أصبحت أواجه مشاكل من جيراني وأقاربي وكنت أتمنى حلها والتوصل معهم إلى فكرة للنقاش والتفاهم... بعد هذه السنوات أدرك هذا الشخص صعوبة التغيير وتوصل إلى أن يبدأ في التغيير بنفسه أولاً.. إذا طورت نفسك سينعكس هذا التطوير والتغيير على أسرتك.. تطور الأسرة سيجعلها قدوة للجيران والأسر الأخرى ليقتدوا بها، ويمكن يصل التغيير للحي، ثم المدينة.. وهكذا.

*           *           *

ما نصنعه في داخل ذواتنا سينعكس خارجها.. أعد برمجة ذاتك وحياتك.. فالتغيير يبدأ من الداخل.. والقرآن الكريم ذكر قاعدة ربانية في التغيير والتطوير، فقال جل شأن ربنا وعلا:"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

*           *           *

يا أيها الرجلُ المعلّم غيره
 هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصفُ الدّواءَ لذي السّقام وذي الضّنى
كيما يصحُّ به وأنت سقيم
وأراك تصلحُ بالرّشاد عقولنا
أبداً وأنت من الرّشاد عقيم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله
عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها
فإذا انتهتْ عنه فأنت حكيم

*           *           *
* هناك مراحل في التغيير الايجابي: غير نفسك يتغير أهلك، يتغير أصدقاؤك، تتغير بلدك، يتغير العالم.
* حينما تعاني من معاناة مستمرة في علاقاتك مع من حولك وفي عملك وبيئتك وترغب في تغيير ما يحيط بك فابدأ بنفسك.. قبل أن تطلب من زوجتك أو ولدك أو صديقك أن يتغير.. وقبل أن تنتقده، وقبل أن تأمره وتنهاه.. تمثل تلك المطالب والقيم والسلوكيات في نفسك أولاً.. ولهذا عاب الله تعالى على بني إسرائيل وقال: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم".. وما ينطبق على البيت والأسرة ينطبق على بيئة العمل والمجتمع والبلد أيضاً.. ابدأ بنفسك قبل لوم الآخرين!
ولكم تحياااااتي
 ______________________________________

·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 15 ذو الحجة 1440هـ

الجمعة، 9 أغسطس 2019

"خطبة عرفة".. دعوة للتأمل!

"خطبة عرفة".. دعوة للتأمل!

علي بطيح العمري

في يوم عرفة يجتمع أكبر تجمع بشري على الأرض، وفي مثل هذا اليوم وقبل 1430 سنة وقف محمد صلى الله عليه وسلم أعظم شخصية في التاريخ ليتحدث في خطبة الوداع عن أسس ودعائم لا تقوم قائمة المسلمين إلا بتطبيقها على المستوى الفردي والجماعي. وقف نبينا وخطب في المسلمين خطبة خالدة سميت بخطبة الوداع، هذه الخطبة لها مقدمة، وخاتمة وبين المقدمة والنهاية ذكرت الخطبة سبعة بنود:


     ·     إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم..".. أول بند تحريم القتل واستهداف الأبرياء، فما بال المسلمين يقاتلون بعضهم البعض، بل وأعلنوا الجهاد ضد بعضهم؟
·        تحريم الربا وخطورة التعامل به، وأن اللعن يصيب آكله وشاهده وكاتبه ومن له علاقة به من قريب أو بعيد؛ لآثاره السلبية على الفرد والمجتمع، للأسف البنوك الربوية تعتمد من الدول الإسلامية وكأن اللعن لا يشملها وهي التي تساعد على إقراره؟
·        احترام المرأة، وإعطاؤها حقوقها، ودعوتها للقيام بما عليها من واجبات تجاه زوجها.. فحقوق المرأة أس الحياة الاجتماعية، هذه الحقوق تشمل حقوق الزواج، والطلاق، والميراث وراتب المرأة الوظيفي...الخ

·        من كانت عنده أمانة فليؤدها.. الأمانة عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين منها وأشفقن منها وتحملها الإنسان، وهذه الأمانة تظهر في التربية والعمل والعلاقات، وفي علاقتنا بالله تعالى.
·        دعوة المسلمين إلى أن يتمسكوا في كل زمان ومكان بكتاب الله وسنه نبيه، خاصة عند الاختلاف. وكل الأفكار والدعوات تعرض على هذا الكتاب فما وافق الإسلام يقبل وما عداه يرفض.

·        التحذير من الشيطان وأنه قد يئس أن يعبد لكنه يطاع فيما سوى ذلك، يطاع في التحريش بين الناس وفي تزيين المعاصي، وشياطين الإنس خطرهم مثل شياطين الجن!
·        تحذير المسلمين من الاختلاف والتناحر فيما بينهم وأن قيمة الإنسان بتقواه, وليست بلونه أو نسبه فالناس أبناء آدم، وادم خُلِقَ من تراب، فلا غرور ولا تعصب ولا عنصرية!

خطبة عرفة هي خطاب لكل طوائف المسلمين سنة وشيعة وغيرهما في أن يتقوا الله في الدماء التي تزهق، فالرب الذي قصدوه في الحج وتوجهوا إليه في صلاتهم هو الذي حرم قتل الأبرياء.. وأسس خطبة الوداع هي أساس صلاح الدول والمواطنين، ولما تخلى السياسي والعالم والمسؤول، وتنازلت عنها الدول في عالمنا العربي والإسلامي، حصل الانفلات وتنكب الناس الصراط السوي، وظهر الفساد، فهل من عودة إلى مضامين خطبة الوداع التي ما من مسلم إلا سمعها أو قرأها؟
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
أعيد نشره في صحيفة اليوم، الجمعة 8 ذو الحجة 1440هـ، وحذف بعضه عند النشر

الجمعة، 2 أغسطس 2019

إيران.. ليست جريمة واحدة!

إيران.. ليست جريمة واحدة!

علي بطيح العمري

* منطقة الشرق الأوسط قدرها أن تكون خليطاً من العرب والفرس والأتراك.. أديان وطوائف ومذاهب مختلفة ومتصارعة.. ليست المشكلة في التعددية لكن المشكلة في الصراعات حينما تأتي طائفة وتريد محو الطوائف الأخرى من الخارطة.

* إيران أعلنت ثورتها الخمينية وبثت أفكارها الإرهابية لما تبنت تصدير ثورتها إلى العالم.. لقد ارتكبت إيران جرائم كثيرة في المنطقة، وتنوعت هذه الجرائم على مستوى العالم وعلى مستوى جيرانها وعلى مستوى مواطنيها الأبرياء.

إيران صدرت الإرهاب إلى العالم.. أسست أحزاباً ودعمتها مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن.. تدخلت في الشأن الداخلي للدول كالبحرين والكويت والسعودية.. احتلت عواصم عربية.. فجرت واغتالت دبلوماسيين.. حتى مكة المكرمة رغم قدسيتها ما سلمت من الأذى والإرهاب الإيراني.

على المستوى الداخلي إيران التهمت دولة عربية اسمها "الأحواز" وضمتها إليها ونكلت بأهلها أشد التنكيل.. هذا السجل من الجرائم جعل من إيران دولة لا يمكن التعايش والسلام معها.

* التراشق الإعلامي المستمر بين أمريكا وإيران هو تراشق مضبوط الإيقاع، هدفه إظهار إيران كدولة قوية تقبل التحدي.. وفي المقابل إظهار العرب أن أمريكا حليف لهم في مواجهة إيران بينما في الواقع الغرب محابي ومجامل ومصطف أحياناً مع إيران الشريرة..

بريطانيا احتلت الأحواز وأهدتها إلى إيران على طبق من ذهب.. أمريكا احتلت العراق وسلمته لإيران..

الغرب وأمريكا منه دللوا إيران إلى أن تفرعنت وطغت، ولو كانوا ضدها لأخمدت نيرانها من زمن..

لو كان الحوثي جماعة سنية هل كان سيبقى؟! لو كان حزب الله حزباً سنياً هل كان سيتحكم في دولة كلبنان؟

لو كان الحشد الشعبي سنياً هل كان سيعطى الضوء الأخضر ليقاتل الآخرين على الهوية؟!

هل تم تحجيم تلك الأحزاب.. هل حوسبت إيران على جرائمها وتعديها على دول الجوار وعلى رعايتها للإرهاب؟! بالطبع الإجابة عن تلك الأسئلة بــ"لا وألف لا"!

* وجود نظام الملالي في الشرق الأوسط مهم للسياسة الغربية، هو يخدم أمريكا وروسيا والغرب عموماً.. لولا التوتر مع إيران لأفلست شركات الأسلحة.. السياسة هي فن الممكن.. السياسة هي أن تراقص الثعابين لا أن تقتلها، وهكذا يفعل الغرب مع إيران الصفوية يراقصها رغم جرائمها، ويدجنها رغم خشونتها!

* قفلة:

يقول الأمير الراحل سعود الفيصل- رحمه الله-:
إننا لسنا دعاة حرب، ولكن إذا قرعت طبولها، فنحن جاهزون لها.. السعودية ولله الحمد لديها القدرة لقطع أطماع إيران، وكبح نزوات الفرس.. حمى الله بلادنا من كل شر، ورد الله كيد الصفويين في نحورهم.


ولكم تحياااااتي
_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة تواصل، الاثنين 26 ذو القعدة 1440هـ

المجد للكرسي!


المجد للكرسي!


علي بطيح العمري

ما أجمل قصص التراث العربي التي تحمل العبرة لمن يعتبر.. ومن القصص الرائعة التي رويت قديما هذه القصة:

ماتت خادمة القاضي فجاء التجار والأعيان يعزونه فيها، وحين مات القاضي لم يحضر أحد لتعزيته، لقد ذهبوا يباركون للقاضي الجديد».. المجد للكرسي هكذا تقول لنا الحياة ساخرة.. وللأسف أنها الحقيقة.

كم مسؤول احتل الكرسي فصار صاحب نفوذ وسلطة ولما ترك كرسيه انفض عنه السامر، ولم تبق معه إلا سيرته وتعامله مع الناس؟

كم غني احتفى الناس به، وتجمعوا عليه وحوله، ينافقون له ويطبلون، وحينما أفلس غابوا وتخلوا عنه؟

كم من مشهور أو مشهورة احتفى الناس به في الإعلام والمجالس، ولما كبر سنه ووهن عظمه نسوه!

وكم من قصة وسالفة سمعنا بها من هذا القبيل.

من ذكريات غازي القصيبي -رحمه الله- أثناء عمله في سكة الحديد، حدث وأن زاره أحد رجال الأعمال البارزين في مكتبه وقدم له دعوة لتناول وجبة الغداء أو العشاء، وكان القصيبي لا يحب المجاملات الفارغة كما يقول، وحاول الاعتذار ولكن الرجل أصر فما كان من القصيبي إلا أن قال له: أنت تعرفني منذ كنت في الجامعة ولكنك لم تدعني إلا الآن، فقال الرجل: بصراحة هذه الدعوة ليست لك وإنما لهذا الكرسي الذي تجلس عليه، فما كان من القصيبي إلا أن قال: تقديرًا لصراحتك يسرني أن أقبل الدعوة، فقال الرجل: ومتى الموعد؟ فقام القصيبي من على الكرسي ثم أشار إليه وقال: «هيا خذ ضيف الشرف معك وأطعمه ما شئت»!!

إلى كل مسؤول..

لا تحتفظ في حياتك بمن يغيرون وجوههم كما يغيرون ملابسهم.. أصحاب المصالح هكذا هم يتلونون حسب مصالحهم، ويتكاثرون في أماكن حاجتهم، وينقرضون في أوقات حاجتك إليهم.

وأقول لكل من يجلس على الكرسي.. تفكر فيمن سبقك ففي التاريخ عبر، تعامل مع الكراسي بموضوعية، وافهم جيدا لغة الكراسي وبريقها، وانعكاساتها وشهواتها.. وتأكد أنها دوارة لن يبقى لك منها إلا عملك وذكر الناس لك، فاترك أثرا طيبا وازرع شيئا جميلا.. الأمانة في العمل والتعامل مع الناس بفنون الأخلاق هو الأبقى والأعظم أثرا.

أحياناً.. بريق المال يعمي المرء عن رؤية الخطيئة، والتطبيل يلهيه عن معرفة الحقائق، وضخامة المنصب تبعده عن النزاهة.

كم مسؤول غادر كرسيه والناس يتذكرون أفضاله وهو تحت الثرى، وفي المقابل كم من مسؤول ترك كرسيه والناس ساخطون عليه فرحل بدعوة مظلوم أو خلف بصمة سيئة.. لن ينفعك إلا إخلاصك وتعاملك الرائع مع الآخرين.. الأخلاق النبيلة تبقى والهيلمة ترحل!


* قفلة..


الأوفياء لا ينسون أصحاب المواقف العظيمة.
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 16 ذو القعدة 1440هـ

تغريدات وكشكولات.. 4


تغريدات وكشكولات.. 4

علي بطيح العمري


* الميثاق الغليظ..

تقول تغريدة طريفة لمغردة اسمها حمامة السلام:
الزواج بلغة العصر ليس مجرد نغمة من نغمات الجوال تنتهي بمجرد الرد على الاتصال، أو مجرد منبه تضغط على الزر لأنه أزعجك.. كلا بل هو النوع الذي تفضله من الهواتف بتطبيقاته تشتري له شاشة حماية وحافظة لتحميه من الخدش أو الكسر.. فعلا الزواج ليس موضة، وليس نغمة يُستعرض بها هو ميثاق غليظ كما وصفه القرآن، وعلى الزوجين الاهتمام والحفاظ على هذا الميثاق.

وكون الزواج ميثاقا غليظا هذا ما حدا بالصحابية خولة بنت ثعلبة التي جاءت تجادل النبي -صلى الله عليه وسلم- في زوجها أوس بن الصامت حينما ظاهر منها وقال لها: أنت علي كظهر أمي فحرمت عليه، فهي تشتكي إلى الله للحفاظ على زوجها وذريتها وبيتها، قائلة: يا رسول الله طالت صحبتي مع زوجي، ونفضت له بطني، وظاهر مني، وتعيد وتلح وتشتكي إلى الله صيانة للميثاق الغليظ حتى نزل الوحي على النبي بفرض كفارة للظهار، وكان قبل ذلك في الجاهلية طلاقا.. ما أجمل موقفها في المحافظة على عش الزوجية!


* * *

* الدليل إلى قلب طيب..

‏قال أحدهم، ذكرتُ رجلا بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي، وقال:

أغزوت الروم؟ قلت: لا، قال: فالسِند والهند والترك؟ قلت: لا!

قال: أفتسلم منك الروم والسِند والهند والترك، ولم يسلم منك أخوك المسلم؟! قال: فلم أعُد بعدها!

عزيزي: تأكد أن الظن الحسن دليلك لقلب طيب!

* * *

* غزارة علم..

‏قال المفسر والمؤرخ الطبري لأصحابه:

أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا كم قدره، قال: ٣٠ ألف صفحة، قالوا: تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في ٣ آلاف صفحة..

وقال لهم: أتنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا.. فردوا عليه بمثل الرد الأول فقال لهم: إنا لله ماتت الهمم!

لاحظوا عزارة علم علمائنا ونشاطهم.. لذا حق أن يلقب الواحد بإمام عصره.


* * *


* لا تعجل عليهم:

تجد أحيانا من أصحابك وأصدقائك أمورا لا تحبها، قد تزعجك وتعكر صفوك.. لا تعجل عليهم بالعتب والنقد.. وتذكر قول الشاعر:

إذا كنت في كل الأمور معاتبا

صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

من ذا الذي ترضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلا أن تعد معايبه!



* * *


* لا تنخدع ببعض الناصحين!

‏إبليس ارتدى ثياب النصح لما قال لآدم:

"... يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"..

الخداع قد يأتيك حتى من الناصحين.. فلا تعطِ ثقتك لكل من هب ودب.


ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في اليوم، الجمعة 9 ذو القعدة 1440هـ

خذوا الحكمة من أفواه "العشاق"!!


خذوا الحكمة من أفواه "العشاق"!!


علي بطيح العمري
كلنا نعرف الحكمة التي تقول: خذوا الحكمة من أفواه المجانين، وأظن أن الناس ما قالوا ذلك إلا لأن بعض المجانين أفضل بكثير ممن عطلوا عقولهم.
ومن ذلك قصة طريفة لمجنون حيث تأخر خطيب الجمعة، فما كان من أحد المجانين إلا أن صعد المنبر، فأراد بعضهم إنزاله، لكن أحد المسؤولين أمرهم بتركه ليخطب بالناس.. فخطب المجنون وقال: الحمد لله الذي خلقكم من اثنين وقسمكم قسمين، فجعل منكم أغنياء لتشكروا وجعل منكم فقراء لتصبروا، فلا غنيكم شكر ولا فقيركم صبر، تباً لكم جميعاً وقوموا إلى صلاتكم أيها المنافقون".. هذا المجنون قال حقاً وإن كان في أسلوبه جلافة!

على كل حال أعاذنا الله وإياكم من الجنون، وخذوا الحكمة من العشاق..
قيس بن الملوح أو "مجنون ليلى" ليس مجنوناً بالمعنى الحقيقي للجنون بل هو شاعر عاشق، وقع في شراك "ليلى" وأحبها حباً وأراد أن يتزوجها لكن تم رفض طلبه، فهام بليلى وصار "مجنوناً" بحبها، بينما ليلى عاشت حياتها الطبيعية، وهو تعذب وأخرب دنياه، ويصدق على حاله ووضعه المثل: ومن الحب ما قتل".

أعجبني موقف طريف لكن فيه درساً لمن  قرأ خلف سطوره... تقول الحكاية - سادتي وسيداتي-:
في يوم من الأيام بينما قيس يتجول في الطرقات عثر على كلب ليلى، فتَبِعه ليدله على ليلاه، فمر كلبها من أمام مصلين إلى أن أوصله إلى ليلى. وفي طريق عودته قال المصلون لقيس: أتمر من عندنا ولا تصلي معنا؟! فقال: أو كنتم تصلون؟! والله ما رأيتكم!، ولو كنتم تحبون الله كما أحب ليلى لما رأيتموني، كنتم بين يدي الله ورأيتموني، وأنا بين يدي كلب ولم أركم!

هذا الموقف من هذا العاشق في الصميم.. قال جملة تحكي وضعنا في الخشوع في الصلاة.. للأسف حالنا لا يقل عن رَبع قيس نُسرّح في صلاتنا، لم نعد نعي ما يقال وما نقول فيها، وللمعلومية الخشوع لب الصلاة وروحها، وليس للإنسان من صلاته إلا ما وعى منها.

مجنون ليلى يقول لنا كما في برامج تطوير الذات: الإنسان إذا اهتم بالهدف الذي يسعى له سواء كان دينياً أو دنيوياً، وركز فيه، وترك ما يشغله، وتخلص مما يلهيه، سيقبل عليه إقبال المحب، وسيعيش معه عيش الولهان، سيشتغل بهدفه لدرجة أنه لا يشعر بما حوله من الصوارف.

موقف المجنون أيضاً ذكرني بقصص الخاشعين في صلواتهم.. هذا عروة بن الزبير بن العوام التابعي الجليل أصابت رجله الآكلة "الغرغرينا اليوم" وقرر الأطباء بترها، عرضوا عليه المسكر كي لا يحس بالوجع، لكنه رفض وقال لهم: إن كنتم لابد فاعلين فاقطعوها وأنا في الصلاة، فإني لا أحسُّ بذلك، ولا أشعر به، فأي خشوع بلغه هذا الرجل؟

غفر الله لأبي البندري – ولكم- تقصيره وإسرافه في دينه ودنياه.


ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في اليوم، الجمعة 2 ذو القعدة 1440هـ

ادعوا لهم لا عليهم!


ادعوا لهم لا عليهم!


علي بطيح العمري

جاء رجل إلى العالم الجليل عبد الله بن المبارك يشكو إليه عقوق ابنه.. فسأله ابن المبارك أدعوت عليه؟! قال: نعم.. فقال ابن المبارك: اذهب فقد أفسدته!

ورأى عمر بن الخطاب رجلاً يده مشلولة، فسأله عن السبب، فقال الرجل: بسبب دعوة أبي علي في الجاهلية، فقال عمر: هذا دعاء الآباء في الجاهلية فكيف في الإسلام؟!

على الآباء والأمهات أن يتقوا الله في أولادهم وأن ينتبهوا لما يقولون لهم، فالقدر موكل بالمنطق، واللسان سلاح ذو حدين، فبكلمة قد تبني إنساناً وبكلمة قد تهدمه.. وقد جاء في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم".. يقول عطاء بن أبي رباح: "ما أبكى العلماء بكاء آخر العمر من غضبة يغضبها أحدهم، فتهدم عمر خمسين سنة أو ستّين سنة أو سبعين سنة، ورُبّ غضبة قد أقحمت صاحبها.. ".

تصوروا - يا سادة - "بنتاً" صغيرة كسرت كأساً فتقول لها أمها: الله يكسر قلبك، أو كسر الله قلبك!! ماذا لو وافقت ساعة استجابة.. هل الكأس يعدل قلب البنت؟!!

أب يقول لابنه الذي شقق ورقة.. الله ياخذ عمرك!! هل قيمة ورقة تساوي أخذة ابن؟!

وأخرى تقول لولدها الشقي.. الله يشقيك!! هل شقاء عمر يعدل شقاوة لحظة؟!



ماذا لو استبدلت الدعوات على الأولاد بدعوات لهم وبجمل إيجابية.. نحو: الله يهديك، يصلحك، يوفقك...الخ فهي من الكلمات الطيبة التي تبني روحاً، ويؤجر عليها المرء بدلاً من سكب اللعنات على أبرياء لا يدركون حجم أفعالهم ولا فداحة أخطائهم.


بعض الآباء والأمهات في لحظة غضب يدعون على أولادهم، وإذا استجاب الله لهم ندموا بعد فوات الأوان.. الدعاء على الأولاد لا يزيدهم إلا فساداً وعناداً..  لذا كانت النصيحة ألا ندع عليهم، وأن يدعى لهم فهم قطعة من قلوب أبائهم وأمانة عندهم، وقد قال الشاعر:

وَإنما أوْلاَدُنَا بَيْنَنا                              أكْبَادُنَا تَمْشِي عَلى الأرْضِ

لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلى بَعْضِهِمْ                  لاَمْتَنَعَتْ عَيْني مِنَ الْغَمضِ

دعاء الآباء للأبناء منهج الأنبياء الكرام، فها هو الخليل إبراهيم - عليه السلام - يسأل الله تعالى أن يرزقه الولد فيقول: ((رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)).. ولم ينقطع دعاءه لأبنائه بعد إنجابهم، بل استمر، فدعا لنفسه ولولده بأمرين:{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَام}، { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي...}.

وأخيراً..

أعظم استثمار؛ هو الاستثمار في الأولاد، وأعظم تركة يورثها الآباء لأولادهم هي صلاحهم - أقصد صلاح الآباء- وفي سورة الكهف حفظ الله كنز الطفلين اليتيمين بسبب صلاح أبيهما "وكان أبوهما صالحاً".

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________

·        كاتب إعلامي



للتواصل

تويتر: @alomary2008

إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 25 شوال 1440هـ

ثلاثة أشياء..!

ثلاثة أشياء..!

علي بطيح العمري

الناس في هذه الحياة يبحثون عن ثلاثة أشياء.. هذه الأشياء تلعب دورا كبيراً في حياتهم.. الناس يبحثون عن المال، والصحة والوقت أو الفراغ.. في أول حياة الإنسان - مرحلة الدراسة - الإنسان في هذه المرحلة يملك الوقت والصحة لكنه لا يملك المال..!

وفي وسط حياتنا - مرحلة العمل والوظيفة - يملك الإنسان الصحة ولديه المال.. لكن ما عنده وقت.. العمل والأسرة والأشغال تأخذ أكثر وقته.. وفي آخر حياتنا - مرحلة التقاعد - يملك الإنسان المال والوقت ولكنه يفتقد الصحة، فيقضي حياته من مستشفى إلى آخر..!

هذه هي الحياة وهذه هي طبيعتها والعاقل من يحسن معادلة هذه الأشياء عبر حياته.. تأملوا معي هذا الحديث، يقول صلى الله عليه وسلم: اغتنم خمساً قبل خمس؛ حياتك قبل موتك، صحتك قبل سقمك، غناك قبل فقرك، فراغك قبل شغلك، شبابك قبل هرمك".

* من الناس من يخسر دنياه، ويعيش على هامش الحياة.. وآخر يتناول ما يدمر صحته ويدمن ما يجلب له الأمراض ولو بعد حين.. وبعضهم يهدر أوقاته في أتفقه السلوكيات وأبخس العادات.

* الحياة فرصة لن تتكرر.. والعاقل من يعيش حياتين، دنيوية وأخروية فالنجاح في الدنيا قنطرة عبور للآخرة.

الصحة تاج على رؤوس الأصحاء.. إذا أصبت بمرض فهذا ابتلاء من الله تعالى ستنال عليه الجزاء.. وهذا لا يعنيه هذا المقال، إنما المقصود خسارة الصحة لما يجلب الإنسان لنفسه الضرر، فيجعل حتفه على يديه.

* إذا لم تبادر بتشكيل حياتك وتلوينها سيمر العمر بسرعة، وتجد نفسك في آخر الطريق ولا تستطيع أن تفعل شيئا إلا أن يشاء الله.. يقال إن الدنيا ثلاثة أيام؛ الأمس ولن يعود، واليوم ولن يدوم، والغد لا يدري المرء أن يكون، فلنتزود من الطاعات.

* أعمارنا مقارنة بالأمم التي سبقتنا قصيرة جداً.. لذا عوضنا الله بمضاعفة بالحسنات.. ومن استغلال الوقت احتساب الأعمال المباحة في حياتنا؛ والمباح يعرف بأنه: ما لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، مثل الأكل والشرب والنوم والنزهة.. هذه الأمور المباحة والتي لا غنى للإنسان عنها تقتطع جزءا غير يسير من عمره وبالأخص النوم الذي يمثل ثلث العمر تقريباً.

النية أعظم سلاح يحمله كل مسلم. وذلك بتطبيق قاعدة (تحويل العادات إلى عبادات) فكلنا ينام ويشرب ويعمل ويلهو ويربي أطفاله.. عندما تتناول الطعام اِنوِ التقوي على طاعة الله، وعندما تذهب للعمل اِنوِ أنك تريد أن تساهم في خدمة ومساعدة الآخرين.. عند الدراسة اِنوِ أنك تقوم بتعلم العلم من أجل الحصول على عمل ترتزق منه الحلال.. لما تذهب لأقاربك اِنوها صلة رحم.. عندما تأوي للفراش اِنوِ أنك تنام للاستيقاظ  للصلاة.. وبهذا الأسلوب تكون قد استغللت جزءا كبيرا من عمرك الزمني في كسب مزيد من الحسنات لتضيفه إلى عمرك الإنتاجي!


ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 18 شوال 1440هـ