Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الجمعة، 8 نوفمبر 2019

ارتقِ بذوقك!


ارتقِ بذوقك!

علي بطيح العمري
أعتاد بعض الناس لسنوات ممارسة الكثير من السلوكيات ظناً منهم أنها حرية أو أنها أفعال عادية مثل تجول الشباب في الأسواق بملابسهم الداخلية التي تولد منها مصطلح "أبو فنينة وسروال"، ولا تنس الكتابة على الجدران التي باتت سمة للبعض والتي بدورها شوهت الكثير من الجماليات.

الذوق؛ هو مجموعة من السلوكيات والآداب التي يفرضها المكان والزمان والعادات والقيم، وهذه الآداب تشمل الملابس والكلام والسلوك والتعامل.. والذوق مصطلح جميل ووصف رائع يدل على جمال صاحبه، فالناس إذا أرادوا الثناء على شخص بما يحمله من صفات وأخلاق قالوا: فلان عنده ذوق أو صاحب ذوق. وإذا أرادوا ذمَّه قالوا: فلان ما عنده ذوق!

لائحة الذوق العام التي اعتمدتها وزارة الداخلية السعودية جميلة وسوف تحد من الكثير من الظواهر التي كان الناس يشتكون منها كرمي المخلفات، والاحتشام في اللباس، وكل ما يجلب الضرر والإيذاء للمجتمع.
وأتمنى أن تتمدد اللائحة لتشمل راقصات الشوارع، وذوي قصات الشعر المقززة، وصاحبات العباءات المخصرة، والتي تذهب للتسوق والتنزه لتغوي الناس بحركاتها أو تفتنهم بزينتها!

ليت كل إنسان يتحلى بأدبيات الذوق العام ليس من أجل البشر ولكن من أجل رب البشر ومن أجل الإنسانية التي ينتمي إليها، وليس من أجل السلامة من الغرامات ولكن من أجل الجمال الحقيقي، هناك أدبيات تدل على وعيك وعلى علو ذوقك ورقيك:

لا تدخن في جلسة فيها ناس لا يدخنون.. لا ترفع صوتك بالكلام أثناء الحديث.. لا تشغل الأصوات المزعجة في مكان عام.. التزم بثقافة السرا.. لا تأخذ موقف سيارة ينتظره شخص قبلك.. لا تقفل بسيارتك على أحد.. لا تترك حذاءك عائقاً عند مداخل المساجد.. لا ترمي مخلفاتك في الشارع، ولا تتركها في مكان كنت تتنزه فيه.. أعط المشاة حقهم بالمرور خاصة الأطفال وكبار السن.. لا تراقب الآخرين وانشغل بنفسك.. لا تصور الناس إلا بعد استئذانهم.... والقائمة تطول وتطول، والإسلام هو دين الرقي وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً.. وقال: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق».. وقال: «إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار»، وقال ابن المبارك في تفسير حُسن الخُلق: هُو طلاقةُ الوجه، وبذلُ المعروف وكف الأذى.

* قفلة..
 لعلي بن أبي طالب:
ليس الجمال بأثواب تزيننا
إن الجمال جمال العلم والأدب

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب صحفي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
نشر يوم الجمعة 11 ربيع الأول 1441هـ في صحيفة اليوم

جبر الخواطر.. عبادة وفن!





جبر الخواطر.. عبادة وفن!

علي بطيح العُمري

"ركب الطائرة، وبجانبه امرأة مسنة.. وفي الطائرة قُدِمت وجبات الطعام ومع كل وجبة قطعة حلوى بيضاء.. المرأة المسنة فتحت قطعة الحلوى وبدأت تأكلها بقطعة خبز ظناً منها أنها جبنة بسبب لونها الأبيض.. وعندما اكتشفت أنها حلوى شعرت بحرج شديد ونظرت إلى الرجل الذي بجانبها، فتظاهر بأنه لم يرَ ما حصل.. ثم قام بفتح قطعة الحلوى من صحنه وقام بما قامت به المرأة، فضحكتْ المرأة، فقال لها: سيدتي لماذا لم تخبريني أنها حلوى وليست جبنة؟ فقالت المرأة: وأنا كنت أظنها جبنة مثلك.. عرف أنها ليست جبنة، لكنه راعى مشاعرها وجبر خاطرها"!!

تأكدوا يا سادة أن إماطة الأذى عن مشاعر وقلوب الناس لا يقل درجة عن إماطة الأذى عن طريقهم.. اجبروا خواطر من حولكم.. راعوا مشاعرهم وتلطفوا معهم، وانتقوا كلماتكم بعناية فالكلمات لا تندمل جراحها على قول الشاعر:
جراحات السنان لها التئام  
ولا يلتام ما جرح اللسان.

يقول سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة أعظم من جبر الخواطر".. وعلى هذا الكلام؛ فوضع الكلمة الطيبة في "صناديق" القلوب أفضل من وضعها في صناديق التبرعات!

جبر الخواطر خلق إسلامي وعبادة يؤجر فاعلها، وفن من فنون التعامل.. وفي القرآن الكريم جبر الله خاطر يوسف الصديق: {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون} كان هذا الوحي من الله لجبر خاطره؛ لأنه مظلوم، لذلك شرع الإله لنا جبر الخواطر.. وفي قوله: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}.. أجمل دليل لتطييب الخواطر وأرقى صورة للتعامل الرائع مع القلوب المنكسرة.

وفي مقابل الأمر بجبر الخواطر وإدخال السعادة على المكلومين عاتب الله نبيه عليه الصلاة والسلام لما أعرض عن "ابن أم مكتوم" حينما جاءه، فقال الحق مصوراً هذا العتاب: عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى* وما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى...).

وفي عصرنا اليوم مع كثرة الفتن والمشكلات تشتد الحاجة إلى مواساة الناس وتطييب خواطرهم عبر كل الوسائل.. خاصة أن جبر الخواطر لا يحتاج إلى جهد.. فبكلمة أو دعوة أو مساعدة أو حتى ابتسامة تفتح قلباً مهموماً وخاطراً مكسوراً.

* قفلة..
قال أبو البندري غفر الله له:
ما أقبح الإنسان الذي يكسر قلبك أمام الناس.. ويجرحك ويحرجك أمام الملأ.. ثم يعتذر منك في الخفاء!
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب صحفي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 4 ربيع أول 1441هـ