Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الجمعة، 14 يوليو 2017

باب ما جاء في معركة "الترفيه"..!

باب ما جاء في معركة "الترفيه"..!

علي بطيح العمري
الترفيه كلمة مطاطة مثلها مثل "الحرية"؛ كل الناس يهوون الحرية وينادون بها، لكن لها دوائر وحدود في كل الثقافات والتيارات.. وكذلك الترفيه تعاطيه مفيد للإنسان بدنياً ونفسياً وذهنياً واجتماعياً.. خاصة إذا جاء بعد إرهاق عمل أو عناء دراسة.. وفي ذات الوقت هناك أشكال من "الترفيهات" لا تتناسب مع كل المجتمعات؛ بسبب اختلاف الأفكار والعقائد والثقافات والعادات، وهذه الأشياء هي المسؤولة عن تقييد الترفيه وتحديد أنواعه.

الترفيه مصطلح لا يتعلق به ذم ولا مدح.. ففيه المرغوب والممنوع.. لذلك فالأمور لا تقاس بمسمياتها بل بأهدافها ومضامينها.. بمعنى ما هو الترفيه الذي سيكون لدينا؟!

لا ننسى.. حينما يكون هدف الترفيه استثمار طاقات الشباب، وإشغال أوقات الفراغ؛ فهو إضافة مهمة في أي مجتمع، ويحقق التوازن اجتماعياً..وهو صناعة تدر أرباحاً على الدول التي تتقن هذه الصناعة، ومطلب إنساني، ومظهر حضاري بشرط أن لا يتصادم مع ثوابتنا الدينية والوطنية.

يُعرّف الترفيه بأنه نشاط يقوم بتوفير تسلية أو يسمح للأشخاص بتسلية أنفسهم في أوقات الفراغ.. ويتنوع الترفيه ما بين مشاهدة، ومشاركات رياضية مثلا، أو ترفيه شخصي كالقراءة..وهناك ترفيه للأطفال وآخر للكبار.

هذه الأيام لا حديث للناس إلا عن الترفيه.. معركة حامية وعاصفة قوية من السجالات والحوارات في الإعلام وفي التويتر حول الترفيه.. وسيلاحظ المتابع من هذه المعركة وجود طرفين، طرف متشدد لا يريد إقامة أي حياة ودنيا للناس، وطرف متساهل يريد إقصاء الدين عن الحياة وقصره على المسجد.. والاعتدال والوسطية هما السمة الغالبة على مجتمعنا، فالمجتمع يريد ترفيهاً نافعاً ومعتدلاً يبث السعادة ويفجر الفرح في الأرواح ولا يمس ثوابت الإسلام، ولا يخالف الثوابت الوطنية التي قامت عليها بلادنا العزيزة.. دائرة المباح أوسع الدوائر، ففيها غُنية عن الدوائر المحظورة أو تلك الدوائر التي تسبب تصادماً مع عامة الناس.

في موضوع الترفيه تم ربط الترفيه بالسفر الخارجي.. والسؤال هل كل الذين يسافرون للخارج من أجل الترفيه، وبالتالي لو وفرّنا لهم ما في تلك الدول من وسائل ترفيه سيتركون الترحال؟ لا اعتقد أن كل ما يدعو السعوديين للسفر هو الترفيه، فالناس يسافرون رغبة في التغيير، وبحثاً عن الأجواء المعتدلة، والمعرفة والاكتشاف، ولمآرب أخرى، فالسفر في حد ذاته متعة وترفيهاً عند هؤلاء، ثم إن السياح من كل الجنسيات يجوبون العالم، ومثلما نراقب المغادرين من بلادنا ونصورهم، لنراقب القادمين إلى بلادنا أيضاً.

يصر البعض على أن وجود الترفيه سبب للقضاء على التطرف، وأظن أن من الخطأ اعتقاد أن الترفيه سبب في القضاء على الإرهاب.. فدول مجاورة لنا وفيها من ألوان الترفيه الممنوع مما يطالب به بعض المغردين عندنا، ومع ذلك ترتفع فيها نسبة التطرف والإرهاب أكثر مما لدينا.. ولا يوجد سبب علمي للربط بين الاثنين.

لست في هذا المقال ضد أي عمل ترفيهي، فنحن نحتاج الترفيه.. والحاجة إلى الراحة والتحرر من ضغوطات الحياة العملية طبيعة بشرية، كما أن الترفيه سيعود بالفائدة على الفرد والمجتمع اقتصادياً ونفسياً واجتماعياً، لكن أنا مع الترفيه المنضبط مع إسلامنا، والملائم لثقافتنا، والمتناسب مع عاداتنا الأصيلة.

أؤكد في هذا المقال على أمرين..
الأول: بعض تصريحات المسؤولين عن الترفيه تستفز الناس، وتفتقد إلى الحكمة، والمطلوب كسب ولاء الناس من قبل "هيئة الترفيه"، بدل تصنيفهم، أو إشغالهم بجمل وعبارات ثم كالعادة يُعْتَذر عنها بأنه تم تحميلها ما لا تحتمل!!.. وعلى أي مسؤول اختيار الكلمات اللائقة والبعيدة عن الشحن، وتجمع الناس ولا تفرقهم!

والثاني: أؤكد على ضرورة الضوابط لأي أمر لأنه قد يأتينا مستقبلاً من رجال الأعمال من يتولى إدارة الترفيه وقد يضعون ويصنعون كل شيء بحثاً عن الريال، ولا يقيمون وزناً لقيم المجتمع وأخلاقياته.. والقنوات الفضائية التي تصادم المجتمع وتتلاعب بقيمه دليل وخير شاهد!
ولكم تحياااااتي

نشر السبت 10 /8/ 1438هــ
_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008

إيميل: alomary2008@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق