Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الأربعاء، 21 مارس 2018

لا تلدغ.. فتكن صيداً سهلاً!




لا تلدغ.. فتكن صيداً سهلاً!

علي بطيح العمري
أبو عزة الجمحي شاعر جاهلي خرج مع أهل مكة في معركة بدر، ووقع في الأسر ولم يجد من يفتديه وكان كثير العيال وقال: من للصبية يا محمد!! وكان رسولنا الكريم رحيماً بالناس، فعفا عنه واشترط عليه أن لا يحارب المسلمين.. فلما كانت معركة أحد خرج مرة أخرى مع أهل مكة يؤلب القبائل على المسلمين فوقع في الأسر، فلما وقف بين يدى الرسول أعاد مقولته الأولى، فقال: من للصبية؟ فقال الرسول: والله لا أدعك تمسح عارضيك بمكة وتقول خدعت محمداً مرتين!! فقتل صبرا، قيل قتله علي بن أبي طالب وقيل رجل من الأنصار.. وفي شأنه قال صلى الله عليه وسلم: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين".. وصارت هذه الجملة مثلاً يقال في التحذير من الانخداع بمن تكررت إساءته، فتكرار العفو عن المسيء يجرئه على تكرار الإساءة. والحديث يحث على التيقظ والفطنة.. والاعتذار ليس ترديداً لكلمة آسف؛ إنما الاعتذار قول وفعل وندم!

وورد معنى الحديث في القرآن الكريم في قصة يوسف على لسان يعقوب عليهما السلام لما قال لأبنائه حين طلبوا منه أن يسلمهم أخاهم "بنيامين": قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل"؟

المخادع صاحب "وجهين".. الأغبياء يصدقونه والمجرمون يصفقون له.. المخادع يستطيع خداع بعض الناس بعض الوقت، لكنه لن يستطيع خداع كل الناس وكل الوقت، سيأتي اليوم الذي تتكشف فيه أوراقه.

الخداع في كل عصر والمخادعون يتلونون بكل لون.. منهم من يخدعك بشكله وهندامه، ومنهم من يخدعك بكلامه وتغتر بفصاحته.. قد يدخل عليك الماكرون عبر المساهمات المالية التي تعدك بالثراء، يظهرون لك من ناحية دينك فيجرونك للانحراف الفكري، بعضهم يزينون لك الشهوات كي تقتحمها بكل سهولة، وتتعاطها بكل أريحية، يخدعونك في التمسك بسلوكياتك السلبية وعاداتك البالية.. يخدعونك لتتجرد من ذوقك ومبادئك وترتدي أقنعتهم!

حتى في جانب الصحة والتطبب.. لا تنخدع إذا رأيت: "مبرووووك"! عاجل!! أنشر تؤجر! أستحلفك بالله لا تقف عندك الرسالة! غيرك محتاج...الخ عبارات المتاجرين بالصحة وأدوية الوهم.. وللأسف هناك من ينخدع ويصدق وينشر.

قد تخدع إنساناً لكونه كريماً في العطاء، رحيماً في التعامل. قد تمكر بامرئ لطيبته أو لجهله، أو لحبه الاستطلاع، أو لتعلقه بشفاء؛ فالمريض كالغريق يتعلق بقشة.. لكن حبل الخداع قصير!

أسوأ الأعداء من كان صديقك يوماً ما ثم تنكر لك؛ لأنه يعرف مثالبك ومن أين تؤكل كتفك.. أقبح الأصدقاء الصديق المسلٍّك أو المطبل يجرك على الشوك ويسحبك على وجهك بتزيينه لخطئك وأنت ثق فيه وتغتر بلسانه!

اكتشاف الكذب أو الخداع يمكن ملاحظته ونمِ حاستك السادسة، فالإنسان بطبيعته ذكياً يمكنه أن يتعلم ليتجنب أن يقع فريسة في حبائل النصابين!

حرر نفسك من المخادعين ولا تكن صيداً سهلاً في يد الماكرين، واحذر وعود المحتالين.. وكن فطناً واربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل!

قفلة..
لكل مخادع ومحتال.. تستطيع أن تسحق الزهرة تحت قدميك.. لكنك لا تستطيع إزالة رائحتها!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في "اليوم" يوم الجمعة 14 /6/ 1439هــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق