لا تقرب هذه
الشجرة!
علي بطيح العمري
خلق
الله آدم - عليه السلام - وأسكنه وزوجه حواء الجنة.. وأباح لهما الطيبات والاستمتاع
بكل ما فيها.. وحرم عليهما الاكل من شجرة - قيل إنها العنب وقيل غيره - .. أخذ
الشيطان يوسوس لآدم، تارة يغريه بقوله: ما نهاك ربك عن هذه الشجرة إلا أن تكون
ملكاً أو تكون من الخالدين.. لبس إبليس ثوب النصيحة ليغوي آدم وحواءه فقال: إني
لكما لمن الناصحين.. استخدم إبليس القسم والحلف على صدق ما يقول.. ترك آدم لذائذ
العيش والراحة في الجنة وبقي ذهنه مشغولاً بتلك الشجرة.. لم منعه الله منها؟!
وما زال
آدم يقاوم ولا زال إبليس يحاول حتى وقع في المعصية وأكل من الشجرة.. وطبيعي وقوع
آدم لأنه بشر، والخطأ من طبيعة البشر.. وفي النهاية تاب فتاب الله عليه.
ما أشبه
حكاية آدم بواقعنا اليوم..
نعيش في
نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى لكن حالنا معها كحال أبينا آدم ننسى النعم التي بين
أيدينا ونتشوف ونتطلع إلى الأشياء البعيدة التي نفتقدها.. ما منا إلا ويتمنى
ويشتهي.. لكن العاقل والواعي له دين ينهاه.. وإن اقترف إثماً فإنه يرجع ويتوب ولا
يصر.. بخلاف المغتر والجاهل والطماع.
طمع
المرء لا حدود له.. الرضا والقناعة هي من يقيد الرغبات.. حينما نفتقد القناعة مع
وجود الطمع وفي ظل تطبيل إبليس اللعين وتسويلات النفس الإمارة بالسوء هنا يمد
الإنسان يده إلى ما لا يحل، هنا المرء يصر على التناول من (الشجرة المحرمة) تاركاً
الحلال والمباح الذي يعيش فيه.. وأسوأ الناس من يقترف الحرام تحت ذرائع واهية
ومبررات مضللة.
بتعاطي
الإنسان الحرام (الاكل من الشجرة) يفتح على نفسه باب نقمة، فالظلم وأكل الحرام
جريمة، والطغيان جزاؤه عظيم.. وقد يعاقب الإنسان بالحرمان من النعم ورحيلها عنه.
وأخيراُ..
تقوى الله – يا سادة- سبب لثبات النعم.. ((وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ...))، والمعاصي سبب لزوالها، وقد قص الله علينا أقواماً كانت معاصيهم
سبباً في حلول العذاب بهم وتبدل أحوالهم.. ((وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا قَرۡیَةࣰ
كَانَتۡ ءَامِنَةࣰ مُّطۡمَىِٕنَّةࣰ یَأۡتِیهَا رِزۡقُهَا رَغَدࣰا مِّن كُلِّ
مَكَانࣲ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَ ٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ
وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ)).
ولكم تحياااااتي
_________________________________________________________
·
كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
نشر في اليوم، الثلاثاء 26 جمادى الأولى 1441هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق