Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الجمعة، 7 فبراير 2020

لك عيوب وللناس ألسن!



لك عيوب وللناس ألسن!

علي بطيح العُمري

لا أدري من أي صنف من البشر أولئك الذين ينشغلون ويشتغلون بعيوب الناس عن عيوبهم.. لا هم لهم إلا تقييم الناس وفق تصوراتهم.. ولا شغلة لهم غير محاكمة تصرفات الناس وفق آرائهم وأمزجتهم.. ولو عكفوا على إصلاح أنفسهم لكان خيراً لهم.

يراقبون الناس عن بعد وعن قرب، ويرصدون حركاتهم وسكناتهم.. تفسير عجيب لمنطقهم.. الطعن في نجاحاتهم.. نبش ما في ماضيهم حتى ولو كانت تغريدة قديمة عابرة!

قرأت كلمة رائعة للصحابي عبد الله بن عمر - رضي الله عنه- حيث قال: كان بالمدينة أقوام لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت الله الناس عن عيوبهم فماتوا ولا عيوب لهم.. وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا عن عيوب الناس فأظهر الله عيوباً لهم، فلم يزالوا يعرفون بها حتى ماتوا".

وحتى لا ننشغل بعيوب الناس فينشغل الناس بعيوبنا وهفواتنا ويطيرون بأخطائنا.. تأمل معي هذا النص.. روى ابن جرير في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى: ( بل الإنسان على نفسه بصيرة) قال: إذا شئت والله رأيته بصيراً بعيوب الناس وذنوبهم، غافلاً عن ذنوبه"، ومن كان موكلاً بعيوب الناس ناسياً لعيوبه فقد هلك.

وقد صوّر الرسول - صلى الله عليه وسلم – حال العائبين للناس فقال: يبصر أحدكم القـذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه".

هؤلاء الذين يعيبون الآخرين ولا يعجبهم أحد هم يتناسون أنهم بشر وأنهم يقعون في الخطأ ويقع منهم الخطأ.. يتناسون أن لهم عيوباً مثل ما للناس عيوب.. يتناسون قاعدة: كما تدين تدان، وقاعدة الجزاء من جنس العمل.. يتناسى هؤلاء منطق الحق والعدل الذي أمر الإسلام به فيحكمون وفق ظنونهم وشكوكهم وعقولهم المحدودة.

وهنا أبيات تسطر بالذهب لشيخنا الشافعي عليه شآبيب الرحمة:
إذا رُمتَ أنْ تَحيا سَليماً مِن الأذى
وَدينُكَ مَوفورٌ وعِرْضُكَ صَيِنُّ
لِسانُكَ لا تَذكُرْ بِهِ عَورَةَ امرئٍ
فَكُلُّكَ عَوراتٌ وللنّاسِ ألسُنُ
وعَيناكَ إنْ أبدَتْ إليكَ مَعايِباً
فَدَعها وَقُلْ يا عَينُ للنّاسِ أعيُـنُ

وأخيراً..
أشد الناس عيوباً أشدهم تعييباً، قال علي بن أبي طالب: شر عيوبنا اهتمامنا بعيوب الناس.
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب صحفي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
نشر في اليوم، يوم الثلاثاء 3 جمادى الآخرة 1441هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق