Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الأربعاء، 15 أغسطس 2018

باب ما جاء في "الكيكي" وأخواتها!


باب ما جاء في "الكيكي" وأخواتها!

علي بطيح العمري
في كل مرة يكون العالم في موعد مع صرعة جديدة، تنتشر وتصبح حديث الركبان ومحط تقليد "الهبلان".. ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع "تحدي كيكي"، وكيكي؛ عبارة عن رقصة يؤديها الشخص ويتمايل فيها بعد ترجله من السيارة أثناء تحرّكها، على أنغام أغنية الكندي "درايك" ويقوم آخر بتصويره.

بدأ التحدي مع قيام نجم عالمي اسمه "شيغي"، بنشر فيديو له أثناء الرقص على أنغام الأغنية عبر انستجرام، ليلقى الفيديو رواجاً كبيراً حيث شاهده الملايين، ولينطلق معه "الكيكي".
وانتشرت حمى "الكيكي" مثل النار في الهشيم، وباركها المشاهير، وفي غضون أيام انتقلت الحمى إلى العالم العربي وأبلى مواطنون ومشاهير "كيكاويين" عرب بلاءً حسناً في تنفيذ التحدي بحماس منقطع النظير؛ ليحتل فيديو هذا التحدي المرتبة الأولى على تويتر في السعودية، حيث قام العديد من النجوم والمشاهير بتطبيقه ونشره.. وتكاثر "الكيكاويون" في مصر وغيرها.

تحدي "الكيكي" اتخذ منحى خطيراً بعد أن تعرض كثيرون لحوادث مرورية وإصابات بليغة أثناء تنفيذ الرقصة المستوردة، الأمر الذي حمل بعض الحكومات على إصدار تحذيرات لمواطنيها من التحدي في الطريق العام، فالإمارات نبهت سائقي السيارات من تقليد رقصة "كيكي"، ومصر فرضت غرامة مالية، وفي السعودية اعتبر "المرور" أن "كيكي" مخالفة تستوجب العقوبة.

لا تظن - قارئي الكريم- أن "الكيكي والكيكاويين" موضوعهم جديد، هناك تحديات اجتاحت مجتمعاتنا قبل سنوات ومن أبرزها تحدي "دلو الثلج" ورقصة "البطريق".. ومع هبوب رياح "الكيكي" جاءت حركة "زوم".. والقائمة تطول وتطول..!

مؤسف أن تظل مجتمعاتنا العربية في مهب الرياح الغربية كل ظاهرة وتحدي سامج يلق رواجاً هنا.. وتثير رقصة "الكيكي" وأخواتها السابقات كرقصة البطريق أو اللاحقات كـ "زوم" وما قد يستجد من جديد.. تثير عدة تساؤلات الإجابة عليها ليست بالأمر الهين.. وقد وضع موقع BBC أسئلة وترك للجمهور المشاركة والتفاعل معها، ومن ضمنها:

* لماذا يقدم الشباب وغير الشباب بشكل جنوني على رقصة فيها مخاطرة بحياتهم وبأرواح مستعملي الطريق؟ هل هو الترفيه؟ هل هو الرغبة في الشهرة؟

* لم لا يبدع العرب في تحديات على مواقع التواصل نابعة من واقعهم المعاش بهدف نشر فنونهم وثقافاتهم وتقاليدهم بدل الاكتفاء بنسخ "التحديات" الغربية شكلا ومضموناً؟
* لماذا لقيت رقصة "كيكي" رواجاً في العالم العربي؟
* ما السبب وراء تهافت مشاهير عرب على تقليد نظرائهم الغربيين في تنفيذ "تحدٍ" ما؟

انتشار "الكيكي" وغيره له أسباب؛ كالفراغ، وهوس التقليد الأعمى لكل وافد وغريب، ولا ننسى تسويق القنوات الفضائية للحمقى.. ومساهمة الناس من خلال نشرهم ومتابعتهم لكل شاردة وواردة في ظل ثورة التقنية، الأمر الذي جعل السفهاء يتسلقون ويصبحون مشاهير من خلال دعمنا ونشرنا لسخافاتهم فجعلنا منهم نجوماً، افتقار المجتمع للقدوات الصالحة في الإعلام الجديد.

وأخيراً..
 ما يقع اليوم من تأثر بثقافات وافدة يأتي مصداقاً لقول نبينا الكريم - عليه الصلاة والسلام: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا:يا رسول الله؛ اليهود والنصارى؟قال: فمن؟

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في اليوم، الجمعة 28 ذو القعدة 1439هـ

لا للشتم.. ولا للشماتة!



لا للشتم.. ولا للشماتة!

علي بطيح العمري
مع إننا مسلمون، لكن في أحايين كثيرة أشعر أننا ببعض السلوكيات نبتعد قليلاً عن سماحة الإسلام وروحانيته.

تأملوا معي هذه الأحاديث:
الأول: أن شاباً أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يطلب منه أن يأذن له بالزنا!، فأقبل القوم عليه فزجروه، فدعاه الرسول وأجلسه بجانبه، وأخذ يحاوره ويقول له: أتحب الزنا لأمك؟ فيقول الشاب: لا واللَّه، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم.. ثم قال له: أفتحبه لابنتك، لأختك...؟ وفي كل مرة يقول الشاب: قال: لا واللَّه، والرسول يقول له: ولا الناس يحبونه لبناتهم، ولا لأخواتهم.... فدخل الشاب وما شيء أحب إليه من الزنا، وخرج وما شيء أبغض إليه من الزنا!

الثاني:
الأعرابي الذي بال في المسجد، فزجره الناس، والرسول قال: دعوه، فتركوه حتى بال، ثم قال له النبي: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله.. وهذا الرجل هو الذي قال: اللَّهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً.. قال ذلك لما رأى من عنف الناس وتوبيخهم له، بينما سيد البشر احتواه ورفق به.

الثالث: جيء برجل شرب الخمر فجلد على شربها، فقال بعض القوم: أخزاه الله، فقال الرسول الكريم: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان".

قارنوا بين نظرة الناس لشخص أخطأ أو ارتكب معصية، وبين نظرة رسولنا - الذي يمثل الإسلام- للمخطئ؟!

كم نخطئ ونرتكب إثما حينما نعلق على موضوع فتاة احتضنت رجلاً، أو شابة رقصت في شارع أو شاب تصرف تصرفا أحمق وممقوتاً.. نخطئ حينما نلعن ونشتم المذنب، ونخطئ أكثر حينما نسب عائلته وقبيلته.. لم لا تسعنا رحمة الإسلام حتى في النصيحة أو عند التعليق على القضية، لم لا نسأل الهداية للمنحرفين بدلاً من شتمهم وتجريح عائلاتهم..؟

لا أحد يفهم من كلامي أنني أبرر للمنحرفين، أو أزين للشاذين عن الطريق.. لا وألف لا.. فأنا أؤيد وبقوة معاقبة المجرم، وملاحقة من يشذ عن عادات المجتمع، وأنا أنادي بتشديد العقوبة على المجاهرين بالمعاصي؛ لأنهم تمردوا ولم يراعوا أدباً ولا ديناً.. ومثل هذه الأفعال تظل مستهجنة من العقلاء، والدولة عبر سلطاتها قائمة بدورها تجاه المخربين والخارجين عن المألوف.. ورسولنا الكريم رفق بالمخطئين، لكن الرفق لم يمنعه من إقامة الحدود على الجناة.. لكني ضد الهجوم البذيء على عباد الله وإن أخطأوا، وضد العنف اللغوي وقذائف الشتائم، وما يدرينا أن أهل ذلك المنحرف كان حالهم مع ولدهم كحال نوح مع ابنه جاهدوا في تقويمه فلم يفلحوا؟

مع هذه اللقطات الشاذة لرجل أو لامرأة سلوا الله العافية، فمن رأى مبتلى وقال: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى الله به فلاناً، لم يصبه ذلك البلاء، وربوا أولادكم على الفضيلة واحترام ثقافة المجتمع.. وأهل المعاصي أحوجُ إلى الشفقة لا إلى الشماتة، ادعُ لهم ولا تدعو عليهم، وفي الحديث: لا تُظهر الشماتة لأخيك؛ فيعافيه الله ويبتليك".. فمن منا سلم من الذنوب، ولولا لطف الله بنا وستره علينا لظهرت عيوبنا ولمقتنا الناس عليها!
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في "اليوم"، الجمعة 21 ذو القعدة 1439هــ

رسائل الاحتيال.. احذر تسلم!


رسائل الاحتيال.. احذر تسلم!

علي بطيح العمري
يعاني من يتصفح بريده الالكتروني من الرسائل المزعجة التي تقتحم إيميله.. ومعاناتي معها تكمن في أنني من النوع الذي يتصفح بريده الالكتروني يومياً.. عشرات الرسائل تنهمر علي وإن كان بدأت الآن تقل "شوي"..

تتنوع هذه الرسائل وأكثرها شباك صيد يقذفها لك هواة الاحتيال..
تارة تأتيك رسالة تقول لك مبروك وتستاهل كل خير لقد فاز إيميلك بجائزة من.... فقط وافنا بعناوينك!.. رسالة أخرى تداعب شهية الدراهم لديك تقول: الأمير الوليد بن طلال أهداك خمسة ملايين دولار!!
وننتقل من الرسائل التبشيرية إلى رسائل أخرى تأتيني بأسماء "سوريات" وهي غالب رسائل بريدي.. واحدة تقول إنها أرملة وتشكو حالها، والثانية تقول إنها غنية جداً وتحتاج إلى واحد محترف في التجارة يشغل أموالها.. وثالثة تقول إنها تبحث عن مساعدة وقد تقطعت بها السبل.. ورابعة تقول إنها ورثت أموال طائلة ولا تعلم "وين توديها"!!، هذه الرسائل تكتب باللغة العربية وأحياناً بالانجليزية، والجامع في بينها أنها تطلب بياناتك وعناوينك، وهذه الرسائل تأتيني عبر "الهوت ميل"، أما "الجي ميل" فحتى تاريخ هذه السطور هو برئ منها براءة الذئب من دوم يوسف!

لا أخفيكم – قرائي الكرام- استغرابي ما سر التركيز على السوريات تحديداً؟ وبالنسبة لي لا أعرف الجواب فاتركه لكم.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل لازالت هذه الرسائل تجد من يلقي لها بالاً وتلقى من يصدقها.. أشك في ذلك.. وإن كان هناك ناس نُهبت منهم المئات واحتمال الآلاف وهم ينتظرون سراب الملايين!!

رسائل النصب التي تعدك بالمساهمات والثراء وتمنيك بدخول نادي الأغنياء..ونحو ذلك، تتنقل بين الرسائل القصيرة خاصة في السابق، إلى حسابات التواصل الاجتماعي وإلى البرد الالكترونية.. وغداً سيغير المحتال الوسيلة والطريقة طمعاً في اصطياد الفرائس!

الجهات الحكومية تحذر من هذه الرسائل، وكذا "الاتصالات" تحذر عملاءها من تصديق هذه الرسائل، وكذا "البنوك" تبث رسائل توعوية إلى عملائها بضرورة عدم الإفصاح عن بيات العميل.. الانسياق وراء مثل هذه الرسائل قد يورط أي شخص في مواقف لن يحسد عليها بل سيلام عليها.. ففي حال تحويلك لمبالغ لمن لا تعرفهم قد تتورط بدعم الإرهاب فالنية وطيبتك الزائدة لن تشفع لك.. واستلامك لمبالغ - على افتراض جديتهم- لربما تصبح أحد المتعاونين لعصابات غسيل الأموال أو تجار المخدرات مثلاً.. أضف لذلك اختراق حساباتك البنكية والتقنية.. وبالتالي سيجد الضحية نفسه في كارثة هو في غنى عنها.. لذا كان الحذر والتحذير منها مهماً وضرورياً، أما حكاية حصولك على ثروة طائلة بلا سبب وجيه؛ فهو شبيه بأمل إبليس في الجنة!!

*   *   *

* أبيات الرائعة أبيات للشاعر المصري "محمود غنيم" يقول فيها:

مالـي وللنــجـم يرعاني وأرعـاه                أمســى كلانا يعاف الغمض جفناه
لـي فـيك يا لـيـل آهات أرددهـا                 أواه لو أجدت المـــحزون أواه
لا تحسبنـي محباً أشتكــي وصـبـاً              أهّون بما في ســبيل الحــب ألقاه
إني تـذكـرت والذكـرى مؤرقـــة               مجــداً تليداً بأيديــنا أضعــناه
ويح العروبـة كان الـكـون مسرحها            فأصبحــت تتوارى في زوايــاه
أنّى اتـجـهت إلى الإسلام في بـلـد              تجده كالطير مقصـــوصاً جناحاه
اليوم حال الخريطة العربية لربما كانت أسوأ مما يصوره الشاعر قبل عقود من الزمن بالطائر مقصوص الجناحين!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في صحيفة تواصل، الثلاثاء 11 ذو القعدة 1439هــ

سياسة اسمها "شعرة معاوية"!!


سياسة اسمها "شعرة معاوية"!!

علي بطيح العُمري

تستهويني المواقف التاريخية للشخصيات العظيمة، فبعض المواقف مليئة بالحكمة ومشبع بالذكاء الذي يمكن تعلمه وتطبيقه.
يقال إن أعرابياً سأل معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه-: كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟ فقال معاوية: إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها".

* "شعرة معاوية" يضرب بها المثل في التعامل مع الناس ومداراتهم وأخذهم بالحكمة والحنكة؛ فيقول المرء متمثلاً بها: "اجعل بينك وبينهم شعرة معاوية"، أي: تصرف معهم بالكياسة وبُعد النظر حتى تحتويهم.. و"شعرة معاوية" ترسّخ لمبدأ عظيم من أصول الحنكة السياسية، وقد أرسى قواعدها معاوية الذي عدّه الناس من دهاة العرب.

* هذه المقولة مع كونها نبراساً في أحكام السياسة فهي تدخل في كل سياسة حتى في سياسة الإنسان لنفسه، فلو طبق الإنسان هذه القاعدة لصار من أعقل الناس، كيف لا وهو يعطي كل شيء حجمه ويتلافى ما لا يستحق النظر إليه!

* في البيت.. إذا شدّ الرجل فلابد أن ترخي المرأة، وإن شدّت هي فالرجل يرخي.. شدّ كلا الطرفين سيولد المشاكل ووجع الرأس، ويشتت أسرة.. تنازل أحد الطرفين لإبقاء حبل المودة ضرورة.. العناد ويباسة الرأس أكثر وأكبر ما يصدع البيوت.. الأب الناجح وبسياسة هذه الشعرة يستطيع أن يقود أسرته بنجاح رغم المشاكل، وصعوبات التربية.

* صاحب الدهاء والفطنة يحافظ على شعرة معاوية في تعامله مع الناس في مختلف المواقف بالتروي ويوازن الأمور بالحكمة، وحسن التصرف، ولا يُوصِل أي أمر إلى درجة الاحتراق.. خاصة مع من هم أقرب الناس إليه، ومن لابد من مودته بد!

* في تعاملك مع الآخرين اتبع سياسة شعرة معاوية..
لا تبالغ في المجاملات حتى لا تسقط في مستنقع النفاق.. ولا تبالغ في الصراحة كيلا تسقط في وحل الوقاحة! كن وسطياً.. ولأمير المؤمنين علي بن أبي طالب قوله: أحبب حبيبك هوناً ما، فربما كان بغيضك يوماً ما.. وأبغض بغيضك هوناً ما فلربما كان حبيبك يوماً ما.. حتى في الحب والبغض هناك ناس متطرفون.. لا يعرفون الوقوف في الوسط، إما أن يكرهك بالجملة، أو أن يحبك كلك.. حافظ على شعرة معاوية في علاقتك معهم فالدنيا تدور وينقلب العدو صديقاً، والصديق خصماً لدوداً!

*  توقف عن مجادلة الجاهل حتى لا يستنزلك إلى دركات الجهل.. ولا تمازح الغضبان؛ كي لا تكون أداة يتنفس منها.. واحذر إحراج العاقل؛ كي لا يقصف جبهتك! استعمالك لشعرة معاوية؛ يجعلك في منأى عن تلك المواقف المحرجة!

* في سياسة الدول تحضر وبقوة هذه الشعرة، فلا يقطعها أهل الخير، ومن يقدمون المصلحة العامة على المصالح الشخصية.. والأستاذ في مدرسته يحتاج إلى شعرة معاوية.. إذا أقبل الطالب للتعلم قرّبه، وإذا هرب وتمرد عن التعليم شدّ عليه!

وأخيراً..
في ظل ضغوطات الحياة، وتعقيداتها وتداخل المصالح الحياتية.. سياسية شعرة معاوية أسلم طريق للنجاح مجتمعياً وأسرياً وذاتياً، وقد قالوا في الأمثال: لا تكن قاسياً فتكسر ولا تكن ليناً فتعصر!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في "اليوم"، الجمعة 29 شوال 1439هــ

الألعاب الإلكترونية.. الإرهاب القادم!



الألعاب الإلكترونية.. الإرهاب القادم!

علي بطيح العمري
عزيزي الأب الفاغر لا تظن أن التربية هي أكل وشرب وملابس.. هذه تسمى رعاية وليست تربية، التربية تقوم على غرس قيم وبناء فكر وتقويم سلوك.. التربية أمس واليوم وغداً ليست ترفا، هي مهمة في كل العصور والأمكنة وفي عصرنا أهم وضرورة لا تقل عن ضرورة الغذاء والهواء.

في عالمنا اليوم الفضائي والتقني صنع وجود الأجهزة والألعاب الإلكترونية هوة سحيقة وفجوة كبيرة بين جيل الآباء والأبناء يلاحظها الشخص العادي.. فالأولاد معنا وحولنا بأجسادهم، لكن عقولهم ترفرف في العالم الافتراضي.. هذه الأمور صعبت من الرقابة والمتابعة، وعلى الآباء تقريب هذه الفجوة بمعرفة الحد الأدنى من التقنية ليتمكنوا من مراقبة وتوجيه أولادهم والتدخل في الوقت المناسب!

إن الألعاب الإلكترونية كالحوت الأزرق ولعبة مريم وجنّية النار... الخ القائمة باتت تشكل خطرا على حياة الصغار فهي إدمان لا يقل عن إدمان المخدرات، وإرهاب قادم يستهدف عالم الطفولة البريء.. هذه الألعاب لها مراحل تبدأ اللعبة بلعب عادي يليها مراحل متعددة تجبر الأطفال على عمل شي معين حتى ينتقل للمرحلة التالية ومنها طلب الانتحار.. تصور ظهور هذه العبارة لاحدى الألعاب: إذا أردت أن تنتقل إلى المرحلة التالية فاربط على عنقك حبلاً حتى ترى السماء زرقاء"!!

التحرك والاهتمام بهذه القضية مهم، بدل أن نقف كي ننتظر فاجعة انتحار طفل متأثرا بلعبة إلكترونية ثم ندق جرس الإنذار.

على الوالدين إبعاد هذه الأجهزة من أيدي أطفالهم أو على أقل تقدير التخفيف من استعمالها ومراقبة ما يُقدم لأطفالهم، وعلى الجهات المسؤولة مطاردة هذه الألعاب الخطيرة على الأطفال وحجبها كما هو الحال في إيقاف قناة وحجب ما يهدد أنظمة المجتمع، فهذه الألعاب إرهاب إلكتروني يستهدف الصغار وله ضحايا في مختلف الدول.

 آن الأوان أن تكثف برامج للتوعية "الرقمية"؛ لتثقيف الفرد والأسرة والمجتمع بأهمية ترشيد استخدام الجوالات والألعاب للأطفال، والتحذير من خطورة هذه الألعاب على عقول أبنائنا وأفكارهم وصحتهم النفسية.
وفق استطلاع قام به المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام التابع لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني أن نسبة الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة حتى سن 15 عاماً بمعدل أربع ساعات يومياً بلغ 91%.. وهذا يعني أن التقنية غيبت دور الرقيب والآباء، فأصبحت هي المربي والموجه والمدرسة.

نؤكد في الأخير على أن من سلبيات الألعاب الإلكترونية أنها تعرض الجريمة والقتل ومشاهد العنف وأنواع الأسلحة وهذا يساهم مع مرور الوقت في تقليل حساسية مشاهد العنف والقتل لدى الأطفال.
أيضاً لا ننسى  نمط الألعاب فهي ليست مجرد تطبيق يمكن حجبه وإنما هي فكرة تروج عبر روابط مختلفة يمكن تداولها بسهولة عبر وسائط السوشيال ميديا، كما أن من يقف وراءها هم ناس ربما كانوا متخصصين وأذكياء يستطيعون السيطرة والتحكم في عقول الكبار فما بالك بالصغار!؟

* قفلة..
مشي الآباء والمربين خطوة واحدة في درب القدوة.. خير بألف مرة من مشيهم آلاف الأميال في دروب التلقين وسكك التعليمات الوعظية الجافة!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 22 شوال 1439هــ