Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الأربعاء، 12 سبتمبر 2018

هذا هو الجمال الخالد!



هذا هو الجمال الخالد!

علي بطيح العمري
الجمال ليس فقط جمال الشكل واللباس.. هناك جمال قليل من يحرص عليه ويسعى في تحصيله.. تعمل هي عمليات الصنفرة والتجميل بآلاف الريالات لكنها تهمل جمال الذوق والأخلاق.. يسعى هو للتميز فيرتدي أنواع الألبسة ويشتري أغلى الأجهزة، لكنه يفتقر إلى الذوق واللباقة!

الرقي في الكلمات واللباقة والأدب في التعامل وحلاوة اللسان وسحر الكلمات باختيار أجمل العبارات أثناء الحديث، ومراعاة مشاعر الآخرين وعدم خدشها هي أخلاق عالية وجمال راق وسمو عال، فلا جمال يعلو على جمال الروح، ولا شيء يعدل حسن الخلق.

في تعاملنا مع الآخرين.. هناك أشياء تؤذي مشاعرهم.. هناك أمور تنكأ جراحاتهم.. هناك ما يكدر صفو تفكيرهم.. فكان الجمال مراعاة مشاعرهم.. تحت بند الظرافة المزعومة يساء للناس.. تحت لواء "ما في قلبي على لساني" نضع الآخرين في مواقف محرجة.. بحجة الصراحة في غيرها موضعها نتسبب في كراهية الناس لنا.

* في الحديث:
لا تُديموا النظر إلى المجذومين).. حتى المُبتلى ليس بحاجة إلى نظراتك ولابد أن نعلم أن ذلك يؤذي مشاعره!

* ارتحل الحسين الرسول وهو ساجد يصلي بالناس، فأطال السجود، وقال: كرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.. حتى الصغار تراعى مشاعرهم!

* وفي الحديث.. (لا يقولنّ أحدُكم: خَبُثت نفسي ولكن ليقل: لقسَت نفسي).. حتى نفسك عليك أن تحترم مشاعرها، مع معلومية أن "لقست وخبثت" بمعنى واحد، وإنما كره - صلى الله عليه وسلم - اسم الخبث فاختار اللفظة السالمة من ذلك وكان من سنته تبديل الاسم القبيح بالحسن.

* "سيدخل عليكم عكرمة بن أبي جهل مسلمًا، فإياكم أن تذكروا أباه أمامه بسوء.".. درس نبوي وتربوي في مراعاة مشاعر الناس حتى لو كان آباؤهم منحرفين، فلا تزر وازرة وزر أخرى.

 * وروي عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - أنهما وجدا رجلاً لا يحسن الوضوء فأرادا أن يعلماه بطريقة فيها مراعاة لمشاعره، فطلبا منه أن يحكم بينهما في الوضوء أيهما يتوضأ أحسن من صاحبه، فتوضآ أمامه.. فاكتشف الرجل خطأه!

* قال عطاء بن رباح: إن الرجل ليحدثني بالحديث فأُنصِت له كأن لم أسمعه قط، وقد سمعته قبل أن يولد".. أدب جميل يليق العقلاء، ويا لرداءة الذين يقاطعون الناس، ولا يحترمون كبيراً أو صغيراً!
* كان لبعض القضاة جليس أعمى وكان إذا أراد أن يَنهض يقول: يا غلام اذهب مع أبي محمد، ولا يقول: خذ بيده.. الرائعون يختارون كلماتهم بعناية!

* أخذ بعض الصحابة فرخي حمرة "حمامة برية"، فجاءت ترفرف حولهم فقال النبي الكريم: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها). وفي الفقه، من مكروهات الذبح أن تذبح الذبيحة أمام أختها وأن تحد السكينة أمامها.. حتى الحيوان له مشاعر وينبغي أن تحترم.

* قفلة..
"إن الله جميل يحب الجمال".. جمال الروح والأخلاق أولى من جمال الشكل.. وطهارة اللسان والقلب لا تقل عن طهارة الثياب.. جمال الروح والأخلاق والقول جمال خالد وسلوك عذب وجذاب!
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في اليوم، يوم الجمعة  27 ذو الحجة 1439هــ

العلم إبداع.. والجهل فوضى وفساد!


العلم إبداع.. والجهل فوضى وفساد!

علي بطيح العمري
ضع في بالك.. أن الشعوب لا تتقدم إلا بالعلم، والمجتمعات لا ترتقي إلا بالثقافة، والأفراد لا يصعدون إلا بالمعرفة..
العلم للمرء والشعوب كالهواء والغذاء.. المتعلم ينمو عقلياً وصحيا وفكريا، والجاهل يترهل ويتضاءل.. وفي عصر التقنية والانفجار المعرفي المتدفق اليوم المتعلم يستفيد ويقطف ثمار الحضارات.. والجاهل يزداد جهلاً وبُعداً فيعيش مسافات ضوئية بينه وبين التقدم!

ماذا قالوا عن العلم؟
أول آية نزلت في قرآننا الخالد "اقرأ باسم ربك الذي خلق".. وفي آية أخرى قال تعالى:"وقل رب زدني علماً"، لم يأمر الله تعالى نبيه – عليه الصلاة والسلام- بالاستزادة من شيء إلا من العلم.. وفي الحديث: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).

ولشيخنا الجليل الشافعي هذه الأبيات:
اصبر على مرِّ الجفا من معلمٍ
فإنَّ رسوبَ العلمِ في نفراتهِ
ومنْ لم يذق مرَّ التعلمِ ساعة ً
تجرَّعَ نلَّ الجهل طولَ حياته
ومن فاتهُ التَّعليمُ وقتَ شبابهِ
فكبِّر عليه أربعاً لوفاته

وقال الرائع "ابن القيم": حاجة العباد إلى العلم كحاجتهم إلى المطر بل أعظم وأنهم إذا فقدوا العلم فهم بمنزلة الأرض التي فقدت الغيث.. وعد "عبد الرحمن الكواكبي" في كتابه طبائع الاستبداد أن: "من أقبح أنواع الاستبداد استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل".. ويقول أحمد ديدات: أشرس أعداء الإسلام مسلم جاهل  يتعصب لجهله ويشوه بأفعاله صورة الإسلام الحقيقي.. واعتبر أبو حاتم الرازي أن اليوم الذي يمر عليك دون أن تقتبس علم فأنت ظالم لنفسك.. حيث يقول: من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم أقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه.

حتى الغرب تحدثوا عن أهمية العلم: فقال آدم سميث: العلم هو الترياق المضاد للتسمم بالجهل والخرافات.. ولنابليون: من فتح مدرسة أقفل سجناً! فالعلم واق من الانحرافات.

وإليكم معادلة تعتبر بحق أجمل معادلة بين الجهل والعلم:
الجهل مع الفقر = إجرام.. الجهل مع الثراء= فساد.. الجهل مع الحرية = فوضى.. الجهل مع السُلطة= استبداد.. الجهل مع الدين = إرهاب.. لكن ما يحصل إذا استبدلنا مكان الجهل العلم، تأمل ماذا يفعل العلم بالجهل؟: العلم مع الفقر = قناعة.. العلم مع الثراء = إبداع.. العلم مع الحرية = سعادة.. العلم مع السُلطة = عدل.. العلم مع الدين = استقامة.

وأخيراً..
العلم نور؛ ينير بصائرنا وأفكارنا ودروبنا، والجهل ظلام.. العلم يبني الخير وسبب في الإصلاح، والجهل يحيي الخرافات ويهدم الفضيلة.. العلم زينة وحضارة والجهل عذاب وتخلف.. ألم الدراسة لحظة وتنتهي، وإهمالها ألم يستمر مدى الحياة.
علموا أولادكم هذه العبارات التحفيزية، وانقلوا لهم روائع الأخيار وقصصهم في الحرص على التعلم والتنقيب عن المعرفة، واتركوا عنكم عبارات السخرية، واحجبوا عنهم تثبيت المثبطين ونكت الغافلين!


* قفلة..
لا أخطر من الجهل والجهلاء إلا أنصاف المتعلمين؛ يرتكبون الحماقات، ويضللون الناس، وببغاوية يرددون مصطلحات لا يفهمونها، فتعساً لهم!
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 20 ذو الحجة 1439هــ

تغريدات.. وكشكولات 3


تغريدات.. وكشكولات 3

علي بطيح العمري
* الحج أكبر تجمع بشري على وجه الكرة الأرضية.. ناس يأتون من كل مكان من قرابة 200 دولة.. لغات مختلفة، مذاهب وأفكار متعددة، عادات متباينة، أعداد مليونية في بقعة جغرافية محددة ولعدة أيام.. ومع ذلك تنجح سعوديتنا الفتية في التنظيم والإعداد والإخراج.. شكراً بحجم السماء لكل من ساهم وساعد وهيأ وكان سبباً وعوناً لنجاح مواسم الحج.

* الصور الأخاذة التي تلتقطها الكاميرات لجنودنا وللعاملين في الحج تظل نجمة ساطعة، وتبقى حدثاً خالداً وذكريات دائمة في نفوس وعقول زوار مكة.. جندي يحمل عجوزاً على ظهره، وآخر يحمل طفلاً بين يديه، وثالث يرش رذاذ الماء على الناس كي يلطف أجواءهم ويخفف لهيب الحر، ورابع يخلع حذاءه ليلبسها امرأة... وتتعدد صور النبل الإنساني والتعامل الأخلاقي يدفعها حافز ديني، ويمليها ضمير عربي وواجب وطني، في خدمة الحرمين الشريفين، ومساعدة الآخرين.. هذه الأفعال خرجت عن إطار مفهوم الوظيفة إلى ما هو أسمى وأرفع، لقد نقل أبطالنا إلى العالم ثقافة العمل التطوعي في أبهى وأجمل صوره.

* زعيم عربي يقول:"...." دولة مدنية ولا علاقة لنا بالدين والقرآن!.. مؤسف جداً أن تدير دولنا العربية والإسلامية ظهرها عن الإسلام، وهو دين ودنيا، فيه فلاح ونجاة الدارين.

* تعود دوماً أن تنظر للجانب الجميل من الحياة، وتغافل عن الجانب القبيح!

* الناس إذا أحبوا شخصاً أقبلوا عليه، وإن أخطأ التمسوا له الأعذار.. وإن كرهوا شخصاً أعرضوا عنه، وإن أخطأ هاجموه وشتموه، هكذا هي طبائع الناس والنفوس وقد صورها  الشافعي في هذا البيت:
وعينُ الرِضا عن كلِّ عيبٍ كَليلَةٌ                
ولكنَّ عينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا!

* يقولون:
«كل شيء صنعه الله حسن لكن يد الإنسان تخربه».
أجمل ما نفعله في حياتنا أن نحافظ على الجمال فيما حولنا.. في البيئة، في تعاملنا وعلاقاتنا مع الناس.

* يستشهد أحدهم بالمعلم الياباني ويقول: أنه لا يدرّس إلا بالفصول الكبيرة!
يقفز عن البيئة ويغض الطرف عن الامتيازات ويتعامى عن الأنظمة... ثم يأتيك ويقارن بالهوامش..!!! عش رجبا ترى عجباً!

* قيل في الصداقة..
الصداقة كالمظلّة.. كلما أشتّد المطر كلما ازدادت الحاجة لها، ويقول الأديب "فواز اللعبون": إن كان لديك صديق لأفراحك وآخر لأتراحك فأنت بلا صديق..الصداقة شركة قابضة ذات مسؤولية غير محدودة!

* كبّر عقلك، وتجاهل الثالوث الخطير؛ قالوا، يقولون، سمعت... لا تأخذ موقفاً معادياً من شخص لم تثبت إساءته لك.. وفي التنزيل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)).

* الأمل هو ما يجعلنا نستمر في هذه الحياة.. دافع للتغيير والنجاح، إذا فقد فقدنا طعم الحياة.. لولا الأمل لتعطلت قوانا، وانطفأت فينا جذوة الأماني، ولاستولى علينا الجمود.. ابق الأمل مشتعلاً في داخلك فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
الجمعة 13 ذو الحجة ، صحيفة اليوم

الرحلة الطنطاوية إلى مكة البهية!


الرحلة الطنطاوية إلى مكة البهية!

علي بطيح العمري
مؤلفات الشيخ علي الطنطاوي "عليه شآبيب الرحمة" تحمل الروعة والجمال في طياتها.. وكتاب "ذكريات الطنطاوي" الجزء الثالث، و"من نفحات الحرم" حديث عن أول رحلة للطنطاوي إلى السعودية.
هذه الرحلة كان هدفها إعادة فتح درب الحج الشامي بعد أن تم  تدمير أجزاء من سكة الحديد إبان الحرب العالمية الأولى، ثم تم استعمار الشام فتوقف الحج عبر البر، وأصبح الشاميون يحجون عن طريق البحر من "العقبة" إلى جدة.

بالطبع دول الاستعمار لم تشجع عودة الطريق البري بين الشام والسعودية لكن رجلاً شجاعاً أراد أن يشق الدرب من جديد بواسطة السيارات سنة 1353هـ هذا الرجل هو ياسين الرواف –معتمد الملك عبد العزيز في دمشق- وكان الشيخ الطنطاوي سريع الاستجابة عندما دعاه "الرواف" وكتب التاريخ لهما هذا الإنجاز، وكان القصد من الرحلة فتح طريق للسيارات يربط الشام بمكة وكان يومئذ حُلماً.

السلطات الفرنسية في سوريا والانجليزية في الأردن لا ترحب بالفكرة ويقيمون في وجهها العقبات، لهذا تجنبت البعثة الحدود وقررت الذهاب إلى السعودية عبر البر، ولم يماشوا درب سكة الحديد عبر الأردن مما سيكلفهم الكثير من الجهد.

* يقول الطنطاوي: إن رحلته من دمشق إلى مكة استغرقت 58 يوماً.. وهي مسافة تقطع اليوم بالسيارة في يوم وأقل، وبالطائرة في ساعات.. وكانت رحلة شاقة قاسوا شدتها وذاقوا مراراتها.

وصلوا الحدود السعودية فرحين، واستمتعوا بضيافة أهلها.. ووصف الطنطاوي أسلوب الأكل في البادية إذ يقول: يأخذون قبضة الرز واللحم فيديرونها حتى تصير كالكرة، ثم يقذفونها في حلوقهم فتقع في المرمى، وحاول مجاراتهم فلم يفلح، وفي القريات كانت تجربة الطنطاوي الأولى مع الخروف "المفطح"؛ وقد رواها بأسلوبه الفكاهي.

توجهوا إلى المدينة المنورة التي قال عنها: بدت لنا كصفحة الكف.. ثم وصلوا جدة وركبوا سيارة جديدة موديل 1932م وقال: هل تصدقون أننا قطعنا الطريق بين جدة ومكة في 12 ساعة؟ هل تصدقون أنه خرج معنا من جدة أناس يركبون الحمير، فسبقت المركبة الحمار بساعة واحدة فقط!!

* من الصور الجميلة التي التقطها الطنطاوي عن مكة: وكان من المشاهد المألوفة في ذلك الزمان أن أصحاب الدكاكين إذا سمعوا الأذان فإنهم يتركون دكاكينهم مفتوحة ويضعون في مدخل الدكان كرسياً أو يجعلون فوق البضاعة عصا أو قماش، حتى الصرافون وأمامهم أكوام الريالات وأنواع العملات يتركونها أو يغطونها بقماش ويذهبون إلى الحرم فلا يمس أحد ما في تلك الدكاكين من بضائع ونقود.. والتقى الطنطاوي الملك عبد العزيز فوصفه وأثنى عليه بأجمل الأوصاف.

وختم الطنطاوي رحلته بقوله:
انتهت رحلة الحجاز وكل شيء في هذه الدنيا إلى انتهاء.. عدت إلى بلدي ومهد طفولتي ومرتع شبابي.. ولكني أسيت على ما فارقت.. بعدت عن مهبط الوحي ومنزل النبوة، وعلى إني تركت البلد الحر الذي لا يحكمه أجنبي ولا تلوح فوقه راية غريب كافر، أسيت على ترك بلد الإيمان الذي لا يعلن فيه منكر ولا يجهر فيه بفاحشة ولا يتخلف فيه احد عن الصلاة إذا نادى المؤذن: حي على الصلاة".

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في "اليوم"، يوم الجمعة 6 ذو الحجة 1439هــ