Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الأحد، 25 نوفمبر 2018

الدنيا "دوراة"!


الدنيا "دوراة"!

علي بطيح العمري
إياك أن تنظر للناس بعين واحدة، وبنظرة قاصرة.. فقير اليوم قد يكون غني الغد.. الطالب الذي تراه عادياً ومسكيناً أمامك قد يكون مسؤول في قادم الأيام.. لذلك حذر العارفون والفاهمون لحقيقة الحياة المسؤول من الاغترار بالكرسي الذي يتربع عليه فقالوا: الكرسي دوار.. وعن المناصب قالوا: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.. فالموظف الذي لا يملأ عينيك لربما سيصبح رئيسك يوماً!

هنا قصة قد يراها البعض طريفة ويراها آخرون تنضح بالحكمة، وتحمل درساً يقول لك: لا تغتر فالدنيا "دوراة"..
"وائل بن حجر الحضرمي"، سليل ملوك اليمن، قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم معلنًا إسلامه، وكان الرسول الكريم قد قال لأصحابه قبل وصول وائل: يأتيكم بقية أبناء الملوك.. فلما أتى وائل رحّب به النبي وأدناه، ثم أعطاه أرضًا نظير ما ترك خلفه من المُلك والزعامة، وأرسل معه معاوية بن أبي سفيان ليدله على الأرض، وكان معاوية وقتها من شدة فقره لا ينتعل حذاءً!
فقال معاوية لوائل: أردفني على الناقة خلفك.. فقال وائل: ليس شحًا بالناقة ولكنك لست رديف الملوك! فقال معاوية: إذن أعطني نعلك!، فقال له وائل: ليس شحًا بالنعل، ولكنك لستَ ممن ينتعل أحذية الملوك! ولكن أمشِ في ظل الناقة!

ثم مرت السنون وتصرمت الأعوام ودار الزمن، وولّى "الفاروق" معاوية على الشام، ثم أبقاه عثمان، ثم صار ما تعرفون بين علي وعثمان إلى أن قُتل علي وآلت الخلافة في النهاية إلى معاوية وقامت الدولة الأموية.. وجاء وائل بن حجر إلى الشام وقد جاوز الثمانين، ودخل على معاوية، وكان جالسًا على كرسي الملك، فنزل وأجلس وائلًا مكانه، ثم ذكّره بالذي كان بينهما فيما مضى، وأمر له بمالٍ، فقال وائل: أعطه من هو أحق به مني، ولكني وددتُ بعد ما رأيت من حلمك لو رجع بنا الزمان لأحملك يومها بين يديّ!!

 لا غنى يدوم ولا فقر يبقى اقتصد في علاقاتك وتعاملاتك فالدنيا دوارة؟!!
الدنيا "دوارة" ولابد أن تشرب من الكأس التي أسقيتها غيرك.. فكن معطياً ليعود لك العطاء.. سجل المواقف الرائعة والجميلة لتظل عالقة في أذهان الناس وبين سطور تاريخك وعمرك.

لا يدعوك جبروتك ونزواتك الطغيانية أن تتكبر على أحد وتحتقره.. إياك أن تحملك مصالحك الشخصية على ظلم شخص أو تحجب عن أحد حقاً له.
يختلف الناس في التعامل مع الناس.. هناك من يعاملك بما يحب أن تعامله به وهذا رائع.. هناك من يعاملك كما أمره الله وما أروع هذا النوع.. أسوأ الناس من يعامل الآخرين كما يعاملوه!

* قفلة
قال أبو البندري غفر الله له:
كل شيء في الحياة له حكمة.. لولا وجود الطائشين ما عرفنا قيمة العقل.. ولولا وجود السيئين ما أدركنا قيمة الرائعين.
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في جريدة اليوم، يوم الجمعة 15 ربيع الأول 1440هـ

الأساس في ظاهرة "ركوب الراس"!!


الأساس في ظاهرة "ركوب الراس"!!

علي بطيح العمري

التفاوت والاختلاف بين البشر ليس فقط في اللغة واللون، حتى في العقل والإدراك والوعي الناس يختلفون، بعضهم يعلو بوعيه، وآخر يسقطه فكره وإدراكه.

لِمَ بعضهم يرى الخطر أمامه كالشمس في رابعة النهار ثم يصر على اقتحامه؟.. هل الذي يعرض نفسه وأهله وماله للأخطار.. يشعر، يحس، يدرك فداحة وحجم ما هو مقدم عليه.. أم على قولهم "فلان راكب راسه"؟

 وجملة "فلان ركب راسه" أو "راكب راسه" أو "الناس راكبين روسهم"؛ تعبير يدل على الإصرار والعناد، وعدم الاستجابة للنصح أو الإرشاد.. جاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني في سبب مقتل كليب بن ربيعة قوله: أما جسّاس فغلامٌ حديثُ السِّنِّ ركبَ رأسه فهرب حين خاف..".

هناك أمثلة كثيرة على "راكبي رؤوسهم"، وكمثال: المدخن الذي أورده التدخين المهالك، وجلب له العلل هو يعترف بهذه المشكلة، ويقر بوجود هذه الأمراض، لكن لم الإصرار على المضي في هذا الطريق رغم الخطر؟!
مثال آخر نشهده مع مواسم الأمطار، فرغم تحذيرات هيئة الأرصاد، واللافتات التي يرفعها الدفاع المدني، والرسائل التي يبثها الفلكيون وقارئو الطقس، لكن "مهايطي" السيول يركبون رؤوسهم ويصرون على اقتحام السيول، عناد غريب لتعريض أنفسهم وأهلهم وسياراتهم للهلاك والإتلاف.. لماذا هذه المجازفة، لم هذا الاندفاع؟.... الجواب متروك لكم.
وقس على ذلك حوادث المرور والمخاطرة بصحتنا في التهام ما هو غير الصحي... الخ الأمثلة على قضايا ومشاكلنا.. نحن ندرك حجم المشكلة ونطالع آثارها في أنفسنا وفيمن حولنا ومع ذلك لا نتعظ، لا نصغي لنصيحة ذهبية، لا تهزنا إحصائية مخيفة ولا لوحة تحذيرية ولا آية ربانية، وكأن الأمر لا يعنينا.

كثيرة هي الأسباب التي تؤدي إلى حالة "ركوب الرأس"، وعدم الانتفاع من النصائح بحسب المشكلة.. التعزيز وحب الظهور له دور، البيئة التي يعيشها المرء سبب، الأصدقاء وخاصة "هواة التطبيل" لها أثر.. وأحياناً قد تكون نوعاً من الحماقة التي تعيي مداويها، وشكل من أشكال السذاجة التي يستحق مرتكبها  ما حصل له!!

ظاهرة ركوب الراس ليست فقط في الأخلاق والعادات بل شاملة لنواحي كثيرة حتى في الضلالة والبعد عن الهدى.. ففي القرآن قص الله عز وجل علينا أمماً وأفراداً "ركبوا رؤوسهم"، فلم تثمر فيهم دعوات الحق، فوصفهم الحق بقوله: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ...".. مفهوم الآية.. إن كانت أذنك سليمة تسمع بها ولم تعِ الحق فأنت أصم.. إن لم تر الصواب وتتبعه فأنت أعمى ولو كان بصر عينيك أقوى من زرقاء اليمامة!!

* قفلة..
في أي خطوة تخطوها في حياتك، حاول أن تجعل العقل والقلب معاً؛ ففي العقل إرادة وفي القلب ضمير!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 8 ربيع الأول 1440هـ

علمهم يا "ابن مسعود"!


علمهم يا "ابن مسعود"!

علي بطيح العمري
عن ابن مسعود - رضي الله عنه- أنه كان يُذّكر كل خميس فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن إنا نحب حديثك ونشتهيه ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم فقال: ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أملكم "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا".

هذا الحديث رسالة قوية يمكن توجيهها إلى قبيلة "الواتسابيين" الذين يحقنون جوالاتنا بمواعظ لها أول ولا آخر لها.. جوالاتنا تمطر بالرسائل الخاصة والعامة صباحاً ومساءً وبمناسبة وبدون مناسبة، تُملأ أجهزتنا بأدعية ومقاطع وصور وتصبيحات.. ورغم أن هناك ملاحظات على الكثير من الرسائل فبعضها أحاديث ضعيفة، وأدعية غير مستقيمة المعنى، ومقاطع مجتزأة ومركبة.. لكن على افتراض صحتها، ففيها خطآن؛ أولها أنها في سياق كثرة تحديث الناس، وربما تسبب السآمة التي منعت الصحابي الجليل ابن مسعود وقبله الرسول – عليه الصلاة والسلام- من وعظ الناس بشكل دائم ومستمر.. والملاحظة الثانية أن مرسلي تلك المواعظ لا يطبقون ما فيها من أحكام وأخلاق.

خير الكلام ما قل ودل، وأفضل المواعظ ما كان في وقته، وبالقدر المقبول، وبالعرض الذي يجعل الناس يقبلون ولا يعرضون ويستبشرون ولا ينفرون.

نحن قوم يا سادة لا تنقصنا كثرة المواعظ، ولا حتى المعلومات أحياناً.. الذي ينقصنا هو العمل.. كثيرون يعرفون أن الغش حرام، لكن جشع التجار يحملهم على غشك.. نحن نعلم علم اليقين أن الفساد خراب وأنه جريمة، ومع ذلك الفساد حاضر بيننا.. نحن ندري ونعلم عن الحقوق سواء كانت للأطفال أو للنساء أو الحقوق الوظيفية لكن تلقى من يفرط، ومن يقصر عن عمد وقصد.. نحن درسنا ونتراسل عبارة "النظافة من الإيمان"، لكن مَن مِن المتنزهين من يحمل مخلفاته معه إذا غادر حديقة أو منتزهاً ليحافظ على المكان ويتركه كما كان؟!

أسوأ الناس من يحدثك عن الأمانة ثم يخون.. يحدثك عن فضيلة الصدق ثم يكذب.. يلقي عليك محاضرة في النزاهة والآداب والأنظمة ثم يكون هو من يخالف أقواله.

قال المفسرون: كان المسلمون يقولون: لو نعلم أحبّ الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا، فلما فُرض الجهاد في سبيل الله، كره بعضهم ذلك وشق عليهم فأنزل الله تعالى قوله: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( * ) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)) سورة الصف.

المواعظ والعلم الذي يتداوله الناس عبر حساباتهم ويزينون به صفحاتهم هل طبقوه، وحولوه إلى عمل.. أم مجرد تراسل ونشر وتفاخر بالمعرفة دون تطبيق..؟

قال أبو البندري غفر الله له:
نحن يا سادة نحمل أسفاراً من العلم في عقولنا، وأطناناً من المعرفة في أجهزتنا.. لكن العمل بها مُعلّق إلى أجل غير مسمى!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في "اليوم"، الجمعة 1 ربيع الأول 1440هـ

تعلمت من أصحاب الكهف!


تعلمت من أصحاب الكهف!

علي بطيح العمري
* سورة الكهف تتحدث عن أربع قصص وفيها أربع فتن.. فتنة الدين، والمال، والعلم، والمنصب.. وكل هذه الفتن نتعرض لها أو لبعضها في حياتنا.. وقد أمر نبينا الكريم بقراءتها أسبوعياً؛ ربما لتظل هذه الفتن في أذهاننا لنتجنبها أو لكيف ننجو منها ونتعامل معها.. فلنأوي إلى هذه السورة قراءة وتدبراً وعملاً.

ومن قصة أصحاب الكهف تعلمت:
* إن صراع الحق والباطل قائم لا محالة.. وأن صراع الأبطال مع الطغاة والأشرار مستمر؛ وفي نهاية المطاف شمس الباطل ستغرب مهما علا الباطل وارتفع.

* صاحب الأخيار تنجو، كن في صف الإيجابيين تسمو.. الكلب ذكر مع أهل الكهف وجرت عليه أقدار الله بسبب صحبته لهم.
* الصديق الصالح إذا صاحبته كنت الرابح، يحتويك وقت الفتن، يصطف معك وقت الأزمات ويأخذك إلى بر الأمان.

* في عالم الإيمان لا يهم المنصب ولا المستوى الاجتماعي.. تعلو بقدر نصرتك للحق، وتفوز بقدر اصطفافك ضد الباطل.

* قد تتزين لك الدنيا، وتنصب عليك فرصها وحلاوتها.. النفوس التي تتشربها تتغير وتخسر، النفوس الثابتة على مبادئها تصمد وتعلو عند الناس وعند رب الناس.

* "إذ أوى الفتيةُ إلى الكهف.."
سبب إيوائهم إلى الكهف كان فراراً من فتنة قومهم لهم.. فاجعل لك كهفاً تفر فيه من الفتن وما أكثرها. ويمكنك اعتزال الشر وأهله بقلبك وعملك وإن كنت بين الناس.

* المال عصب الحياة، ووسيلة للعيش الكريم والاستغناء عن الخلق.. "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة..". كم بالغ الزهاد في تنفير الناس من الدنيا، وتناسوا أن المال وسيلة مهمة لقيام الدنيا وعمارة الآخرة.

* من كان مع الله كان الله معه.. شباب الكهف لم يكونوا أنبياء ولا ملائكة.. بشر ثبتوا على الحق، فانحازت لهم السنن الإلهية.

* معرفة الحق والاهتداء إليه لا دخل لها بطول التجربة ولا بكبر السن، فأصحاب الكهف كانوا شباباً وفي قومهم من هو أكبر منهم.

* هل تظن أن الذي رعى وحفظ أهل الكهف طوال 300 سنة، عاجز عن تضميد جراحك وكشف كربتك، وإنقاذك من فك الطغيان؟.. كن مع الله ولا تبالي!

* الثبات أمر صعب ويحتاج إلى إصرار وتصميم،. وقد قالوا: الوصول إلى القمة سهل، لكن المحافظة عليها صعب!

* فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهراً".. بعض القضايا لا فائدة من الجدال فيها، وبعض البشر لا فائدة من محاورته ومجادلته، فدعه وأرح عقلك وقلبك.

* "ولا يشعرن بكم أحداً".. لا تحدث الناس بكل طموحاتك وآمالك وأعمالك إلا بقدر الحاجة، فالناس فيهم الحاسد، ومنهم المثبط، ومنهم المتربص بك!

* الرب الذي أمات أصحاب الكهف 300 عام ثم بعثهم من مرقدهم، قادر على أن يحيي أمتنا مهما طال سباتها وغفوتها، ومهما تكالبت عليها الأمم.

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، يوم الجمعة 24 صفر 1440هـ

قبل أن نندم!


قبل أن نندم!

علي بطيح العمري
"بروني وير" ممرضة استرالية عملت في رعاية المرضى خاصة كبار السن.. يقال حين تأتي على الإنسان مرحلة كبر السن تكون رؤيته واضحة لحياته الماضية، ويكون لسانه منطلقا بالصدق والحكمة.. المهم أن "بروني" كانت تقف بجانب هؤلاء تشجعهم وتؤازرهم، وكانت تسألهم عن الأشياء التي ندموا عليها في حياتهم، وبالتالي توفر لديها أكثر خمسة أشياء ندم عليها كبار السن:

1 – كنت أتمنى لو ملكت الشجاعة لأعيش الحياة التي أردتها لنفسي لا التي أرادها الآخرون لي، فأكثر شيء ندم عليه النادمون حين يدرك الناس أن حياتهم قد مرت وانتهت والأحلام التي راودتهم لم يحققوها.

2 – أتمنى لو أني لم أعمل بهذه الكثرة:
العمل الكثير حرمهم من مرافقة أطفالهم حتى كبروا، وحرمهم من مرافقة آبائهم. الوظيفة المرموقة تفقد بريقها في عين المشرف على الموت، على عكس قضاء أوقات طيبة مع الأهل.. البحث عن أسباب السعادة في غير المال والعمل ربما عاد عليك بالراحة.

3– كم أتمنى لو ملكت الشجاعة للتعبير عن مشاعري:
الكثيرون يكتمون مشاعرهم ظنا منهم أن في الكتمان نجاة من المشاكل، ولهذا ينتهي المآل بالكثيرين بأن يعيشوا حياة عادية مملة، ويحرمون أنفسهم من استغلال قدراتهم وإمكانياتهم لأقصى درجة ممكنة، وهذا الكبت النفسي والمعنوي ينتج عنه أمراض.

4 – أتمنى لو حافظت على علاقتي بأصدقائي:
لا شيء يعدل الصديق الوفي.. هذه الحقيقة تتجلى حين يكبر المرء عندها يندم أنه لم يحرص على روابط الصداقة.. الحياة مشاغل لكن ليفعل المرء ما يمكن فعله.

5 – أتمنى لو تركت نفسي لتكون أكثر سعادة:
لم يدرك كثيرون أن السعادة اختيار شخصي إلا حين دنا الأجل، لأنهم نسوا ذلك في خضم صراعهم اليومي مع الحياة، فالخوف من التغيير جعلهم يزيفون شعورهم الداخلي بأن ما هم عليه سبب كافٍ للشعور بالسعادة.. حين تخشى من رأي الناس، وحين تخشى من الخروج على المألوف، وحين تعيش وفق ما هو تقليدي، فأنت تحرم نفسك من السعادة.

ونحن كمسلمين لربما أضفنا إلى الأشياء التي نندم عليها تفريطنا في العبادات والتقرب إلى الله، وإدماننا المعاصي.

شئنا أم أبينا محطات الحياة ستنقلنا في يوم إلى هذه المرحلة.. ونحن الآن عرفنا تجارب الآخرين، فهل نتجنب تلك الأمور التي ندم عليها الكبار أم نتجاهلها حتى إذا وصلنا إلى مراحلهم وأعمارهم عضضنا أصابع الندم؟!

كتاب " أكثر خمسة أشياء نندم عليها عندما نكبر" جماله يكمن في لفت الانتباه إلى ضرورة تعلم دروس "الشيخوخة" لمن هم اليوم في سن الشباب، وقبل وصولنا إلى مرحلة العجز؛ حيث نعجز فيها عن تعويض ما فات، وصدق حبيبنا – عليه الصلاة والسلام- لما قال: اغتنم خمساً قبل خمس؛ حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وصحتك قبل مرضك".

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 17 صفر 1440هـ

شموخ رغم الأعاصير!



شموخ رغم الأعاصير!

علي بطيح العمري
عزيزي المواطن السعودي
ما تراه وتسمعه في الإعلام من هجوم دول جوار أو من دول كانت في يوم شقيقة وصديقة أو حتى من قنوات تخصصت في البذاءات أو من أفراد مشهورين ومغمورين.. ما تلاحظه من هجوم متنوع، ويستغل كل صغيرة وكبيرة لحشد هجومه ضد السعودية وقيادتها وهويتها ليس جديداً.. الهجوم قديم فقط تختلف الوسائل والأسماء!

وخذها على عجل:
* أيام الملك عبد العزيز واجه ما سمي بـ"حركة الإخوان" - ليس لها علاقة بحركة الإخوان المسلمين المعروفة - التي كانت تعارض كل تحديث وتطوير للمجتمع، وقاد ضدهم معركة عام 1347هـ سميت بمعركة "السبلة".

* في عهد الملك فيصل واجهت المملكة حرباً وحملات فكرية من قبل القوميون والشيوعيون واليساريون، اتهموا السعودية ووصفوها بالرجعية والتخلف، فواجهها الملك بحزم عبر الدعوة للتضامن الإسلامي، وتأسست في عهده الكثير من المؤسسات الإسلامية كرابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب، وكلها دعت للتكاتف ومواجهة طغيان التيارات والأفكار.

* في عهد الملك خالد كان أبرز الأخطار حركة "جيهمان" التي احتلت الحرم المكي (1400هـ).

* قامت الثورة الإيرانية التي لا يزال المسلمون يعانونها، ثم الحرب الروسية الأفغانية، فحرب الخليج التي اعتدى فيها العراق على الكويت، ثم احتلال أمريكا للعراق.
* في عام 1416هـ جاءت أحداث "التكفير والتفجير" التي ألقت بظلالها على المجتمع ما بين تكفير لرموزه السياسية والدينية، وقتل الأبرياء.

* أحداث 11 سبتمبر رغم إدانة المملكة وبراءتها منها، فإن أمريكا لا تزال إلى اليوم تحاول ابتزاز المملكة، وتحميلها جريمة غامضة.
* واجهت بلادنا أخطار الليبرالية و"داعش"، وعواصف الحوثيين.

في كل الأحداث السابقة القاسم المشترك فيها الهجوم على المملكة، لكنها تجاوزتها بحكمة، وانتهت تلك الأحداث وزالت آثارها وبقيت بلادنا ثابتة وشامخة رغم قوة وخطر تلك الأعاصير على مجتمعنا.

قضية اختفاء الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" وما حيك حولها ما هي شماعة للهجوم الكاسح علينا، وفرصة للبلبليين - نسبة للبلبلة- لافتعال الخصام، وتهييج المنظمات العالمية والإعلامية لمهاجمتنا.

من فوائد الهجمات الإعلامية والسياسية الحاقدة:
كشف اللثام عن وجوه بعض العرب الناقمة على الخليج رغم دعم الخليج لهم.. تقوية الروابط الوطنية والتفاف الشعب حول قيادته.. فالنعم التي ننعم والأمن الذي نستظل بظله يجعل شعارات الأعداء في مهب الريح.. هبة الشباب السعودي للدفاع عن وطنهم وفضح الأفكار الفاسدة، فكما أن لدينا جنود بواسل على الحدود لدينا جنود أبطال في ساحات التويتر والرأي والإعلام، نازلوا المغرضين، وكشفوا شبهات الأعداء، وردوا على أفكار الناقمين.

* قفلة..
لم يعد الإعلام اليوم موضوعياً ولا محايداً، سقطت فيه القيم الأخلاقية، وأصبح بكل بساطة وسيلة تسويقية للأجندات السياسية والأيدلوجية.. تحتاج بلادنا اليوم إلى ترسانة إعلامية بكل لغات العالم تدافع وتنافح عن بلادنا، وتحمل رسالتها إلى العالم.. فهل يتحقق ذلك؟

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 10 صفر 1440هـ

"تاكيو أوساهيرا".. وطلابنا!


"تاكيو أوساهيرا".. وطلابنا!

علي بطيح العمري
قصة الطالب الياباني "تاكيو أوساهيرا" باختصار..
هو طالب ياباني ابتعثته دولته ليدرس الميكانيكا.. أدرك "أوساهيرا" أن سر الصناعة هو "المحرك" لذا صار حلمه أن يذهب إلى مصنع ما ليرى ما هذا المحرك وكيف يصنع؟.. تفاجأ "أوساهيرا" بالدراسة النظرية وبالكتب التي تدرس، صحيح أنه ألتهمها وأقبل عليها لكن قضية "المحرك" هي الشاغل وهي اللغز.. وفي يوم ما قرأ عن معرض لمحركات إيطالية فاشترى من مكافأته محركاً صغيراً.. عاد لسكنه وهو يتأمل هذا المحرك وأدرك أن سر قوة أوروبا يكمن فيه ولو أستطاع فك شفراته لغير اتجاه التاريخ الياباني.. قرر أن يقوم بتفكيك هذا المحرك ثم يعيد تركيبه، ثم يحاول تشغيله، فإذا استطاع ذلك فقد كشف "السر"، لكنه خاف إن فككه أن لا يعرف كيف يعيده، فأحضر أوراقاً ليرسم عليها كل قطعة يفكها، ثم أعاد تركيب القطع وقام بتشغيل المحرك!!
هرول "أوساهيرا" ليقابل رئيس البعثة، وليعلمه بما عمل فما كان من رئيس البعثة إلا أن أخضع أوساهيرا للاختبار.. وأعطاه محركاً متعطلاً، وطلب تفكيكه ومعرفة الخلل ومن ثم إصلاحه.. أدرك "أوساهيرا" أن التجربة هنا صعبة لكنه قبل التحدي، عمل أياماً متواصلة لينجح في تحقيق ما يريد.. وقضى "اوساهيرا" ثماني سنوات يشتغل على صناعة المحركات.. ثم عاد إلى بلاده ليساهم في بناء دولته والرقي بها!

تلكم هي قصة "تاكيو أوساهيرا".. السؤال: هل يفعل مبتعثونا ما فعله "أوساهيرا".. ويقفون على سر قوة الغرب، ثم يعودون إلى بلادنا ليساهموا في تقدمها؟ فعندنا آلاف الخريجين والخريجات منذ تم فتح باب الابتعاث للدراسة بالخارج.

كم سرتني هذه العناوين التي تصدرت وسائل الإعلام:
* مبتعث سعودي يخترع أداة أسنان ثلاثية الأبعاد.
* مبتعث يخترع جهازاً لحماية السيارات من الشمس.
* مبتعث يخترع جهازاً يكشف جنس الجنين من الأسبوع السابع للحمل.
* مبتعث يخترع مكيفاً يعمل بدون "فيريون" وصديق للبيئة.
* من أجل الطهارة مبتعث يخترع شطافك في جيبك.
وحتى الطالبات لهن نصيب:
* مبتعثة تنال شهادة أمريكية لاكتشافها بروتين يثبط الإيدز.
* سعودية تخترع قفاز الإشارة إذ يقوم القفاز بتحويل لغة الإشارة التي يستخدمها الصم والبكم إلى لغة مكتوبة ومنطوقة.

فقط تلك نماذج لأخبار متداولة، والأيام القادمة ستحمل الكثير من مثل هذه الأخبار.. لكن ما مصير تلك الاختراعات هل سنراها في واقعنا وفي مجتمعنا أم ستظل أخباراً تتداول ولا مكان لها في الواقع.. هل هيأنا البيئة الجاذبة التي سيؤمها النابغون، هل سيجد المخترع أيدي تصافحه وجهات تتبنى أفكاره؟!.. أسئلة كثيرة اترك لكم الإجابة عنها.

المسلمون لم يتأخروا عن غيرهم في السباق الحضاري بنقص دينهم ولا خلل بعقولهم، لكن السباق له عوامل سياسية واقتصادية وعلمية وبيئة مشجعة، لدينا طاقات متوقدة، وعقول مفكرة، وفتشوا في المدارس عن الموهوبين، واسألوا الغرب عن العقول العربية المهاجرة التي عرف كيف يجذبها.

 الطالب الموهوب والمبتعث المخترع هما القوة الحقيقية لأي مجتمع؛ فقط الموهبة تحتاج مكاناً، وبيئة خصبة، ودعماً عند ذلك ستنتج العقول، وتُسقى الاختراعات وتجد مكانها في أي مجتمع محلياً وعربياً وحتى إسلامياً.

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 3 صفر 1440هـ