Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الاثنين، 1 أبريل 2019

هكذا هم الناس!


هكذا هم الناس!

علي بطيح العمري
روي عن شيخنا الشافعي أنه قال: لو أصبت تسعاً وتسعين وأخطأت في واحدة؛ لترك الناس ما أصبت وأسروها
وأعلنوا ما أخطأت وأظهروها، فانفض عنك غبار الناس".

هكذا هي طبيعة البشر.. يرون النقطة السوداء في صفحة إنجازاتك الناصعة.. يعددون أخطاءك القليلة ويتعامون عن بحار حسناتك.. يركزون على سلبية لك وقد يتداولونها، ويغضون الطرف عن إيجابياتك المتناثرة.

حتى على مستوى التاريخ.. هناك شخصيات حفظ الناس صور سلبية عنها..
خذ مثلاً.. "قراقوش" الذي يضرب به المثل على جور الحكم وجبروت الحاكم.. حتى قيل لصاحب الجاه والسلطة الذي يمارس غروره على الآخرين والبغي أنه شبيه "قراقوش".. وقراقوش هذا كان أحد وزراء صلاح الدين الأيوبي في مصر، ومن أركان توطيد حكمه، واسمه بهاء الدين قراقوش.. كان غلامًا مملوكيًا، تدرج بجده واجتهاده إلى أن صار قائدًا عسكريًا في الشام ومن ثم في مصر التي وصلها مع بزوغ فجر الأيوبيين وحكم صلاح الدين، كان رجلاً عادلاً وصاحب همة عالية، ومع ذلك تشوهت سمعته وحفظ الناس عنه الصورة الباهتة!

هناك شخصيات ليس في أذهان الناس عنها إلا السقطات، ولا يعرفون الكثير عن إنجازاتهم..
 الأندلسي عباس بن فرناس؛ هو عالم ومخترع كان من أهم علماء قرطبة، بل من أهم علماء العالم في وقته، وأكثرهم إنتاجاً مع تميزه في الأدب والشعر.. حكيم الأندلس، اخترع صناعة الزجاج، وصنع الآلة المعروفة بالميقاتة ليعرف الأوقات.. الناس لا يتذكرون إلا محاولته للطيران واصطدامه بالأرض، مع أن هذه المحاولة الفاشلة إيجابية في عالم النجاح؛ ففيها اهتداء لفكرة الطيران في ذلك الوقت.

هكذا هم الناس لا يتذكرون إلا لحظات فشلك فلا تحزن..
من أراد أن يراك مخطئا سيراك ولو كان أعمى.. فلا تنشغل بإرضاء الناس، بل أرض ربك ثم أرض ذاتك.

الناس إذا أحبوا شخصاً أقبلوا عليه، وإن أخطأ التمسوا له الأعذار.. وإن كرهوا أحداً أعرضوا عنه، وإن أخطأ هاجموه وشتموه.. هكذا هي طبائع الناس.. وصدق الشافعي:
وعينُ الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلَةٌ
ولكن عين السخطِ تُبدي المساويا!

 لا تنشغل بما يراه الناس فيك أو بأحكامهم عليك أو بآرائهم عنك أو بمشاعرهم تجاهك أو بفهمهم لك.. انشغل بذاتك، بحبك لها ورأيك فيها وحكمك عليها ومشاعرك تجاهها وفهمك لها.. انشغل بتطويرها وتهذيبها واختيار الأفضل.. انشغل بالبحث عما يناسبك ويرفع من شأنك.. باختصار انشغل بما يحقق لك النجاح في الدارين..!

* * *

* من أشعار الطيب "نزار قباني"..

إذا مر يومٌ. ولم أتذكر
به أن أقول: صباحك سكر...
ورحت أخط كطفلٍ صغير
كلاماً غريباً على وجه دفتر
فلا تضجري من ذهولي وصمتي
ولا تحسبي أن شيئاً تغير
فحين أنا.. لا أقول: أحب..
فمعناه أني أحبك أكثر!
ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في صحيفة اليوم، يوم الجمعة 24 /6/ 1440هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق