Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

السبت، 28 أبريل 2018

أما آن لليل العجائب أن ينجلي!


أما آن لليل العجائب أن ينجلي!

علي بطيح العمري

لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها
لا يعرف معاناة الطبيب وهو يجاهد المرضى، ويعاين الحالات إلا من جرب الطب، أو شاهد بأم عينيه وسمع بكلتا أذنيه ممن هم في الميدان.. ولا يدرك حجم معاناة المدرسين إلا من تلظى بمشاغبات الطلاب، وقاسى لهب "التعليم"، وعانى حرارة التدريس!

* مسكين هذا المعلم كم يُجلد من قبل الإعلام ومن قبل المجتمع، حتى وزارته تجلده بالتصريحات المستفزة والغريبة وهي أشد وقعاً عليه من الحسام المهند.

نحن في زمن راح فيه "الطيبون" الذي قالوا: قم للمعلم وفه التبجيلا، وحل مكانهم هواة التطفيش وسالكو دروب تضخيم الصغائر إعلامياً واجتماعياً.

* أكثر من ينتقد المعلمين اليوم هم واحد من اثنين.. شخص لم يجرب العيش في الفصول، فهو لا يدرك مدى المعاناة في التعامل مع أولاد ليسوا على سواء، ففيهم المراهق والضعيف، والفوضوي والكسلان، والمستهتر غير المبالي.. وشخص ببغاوي يردد ما يقوله الآخرون دون أن يدرك ويجرب ويعرف وحتى دون أن يسأل!

* مشكلة وزارة التعليم مع منسوبيها تتلخص في:
- تصريحات الوزراء تختلف قبل التعيين وبعده عن المدرسين!
- اللغة الحادة التي يتحدث بها بعض المسؤولين تجاه المدرسين.. خاصة في القضايا المثارة!
- تجاهل القضايا الحقيقية وتسليط الضوء على الهوامش.. فمثلاً التركيز حول الدوام في أيام تعليق الدراسة، وترك قضايا أهم كالمباني المستأجرة، ومقاصف المدارس، ودوام المعلمات في المناطق النائية...الخ

* في هذه الأيام هناك نقاشات طويلة حول طول إجازة المدرسين، ولولا الحياء لقالوا لابد من تقصيرها واختصارها إلى ربع هذه المدة..
وقد نشر "ملتقى المعلمين والمعلمات" إحصائية بعدد أيام الدراسة في العديد من الدول الأوربية والآسيوية والأفريقية والعربية وكمثال: عدد أيام الدراسة في هولندا 200 يوم، وفي فرنسا 185 يوماً، أمريكا والسويد 180 يوماً، بلجيكا 175 يوماً، مصر 192 يوماً، الأردن 200 يوم، الإمارات 182 يوماً، الكويت 174 يوماً... وفي السعودية تبلغ أيام الدراسة الفعلية 180 يوماً.. فمتوسط أيام الدراسة عندنا مساوِ لمعدل الدراسة في دول كثيرة، فالحديث عن طول الإجازة حديث يخالف الواقع والأرقام الإحصائية.

* إن الآراء الغريبة التي تتصدر الإعلام لا تقل عن سلبية بث المسلسلات والمشاهد التي تسقط المعلم، وتظهر الاستخفاف به وتستقوي عليه، كل هذه في النهاية ستعمل على إضعاف دوره، وتساهم في ضعف التعليم.. هذه المشاهد الإعلامية والتصريحات العجيبة كالليل الطويل الذي يخيم على حقل التعليم، ويتمنى العاملون فيه كما تمنى امرؤ القيس: إلا أيها الليل الطويل إلا أنجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل!

* يقول مؤسس سنغافورة:
لم أقم بالمعجزة في سنغافورة، أنا فقط قمت بواجبي فخصصت موارد الدولة للتعليم، وغيّرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة إلى أرقى طبقة، وهم من صنعوا المعجزة التي يعيشها المواطنون الآن، وأي مسؤول يحب بلده ويهتم بشعبه، كان سيفعل مثلي".

وأخيراً..
إن المعلم والطبيب كلاهما
لا ينصحان إذا هما لم يكرما
فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه
واصبر لجهلك إن جفوت معلماً!


ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في "اليوم" ، الجمعة 11 شعبان 1439هــ

عالمنا.. كالطير مقصوصاً جناحاه!


عالمنا.. كالطير مقصوصاً جناحاه!

علي بطيح العمري
الشعر إن لم يطربك ويحرك وجدانك وعقلك فعلى قول الشاعر: ليس حرياً أن يقال له شعر.. من الأبيات الرائعة أبيات للشاعر المصري "محمود غنيم" يقول فيها:

مالـي وللنــجـم يرعاني وأرعـاه                أمســى كلانا يعاف الغمض جفناه
لـي فـيك يا لـيـل آهات أرددهـا                 أواه لو أجدت المـــحزون أواه
لا تحسبنـي محباً أشتكــي وصـبـاً              أهّون بما في ســبيل الحــب ألقاه
إني تـذكـرت والذكـرى مؤرقـــة               مجــداً تليداً بأيديــنا أضعــناه
ويح العروبـة كان الـكـون مسرحها            فأصبحــت تتوارى في زوايــاه

ويواصل الشاعر ويقول:
أنّى اتـجـهت إلى الإسلام في بـلـد              تجده كالطير مقصـــوصاً جناحاه
كم صرّفـتنا يـدٌ كنا نـُصـرّفـهـا                 وبات يحكــمنا شعب ملكنـــاه

اليوم حال الخريطة العربية لربما كانت أسوأ مما يصوره الشاعر قبل عقود من الزمن بالطائر مقصوص الجناحين..

العراق.. تم احتلاله تحت حجج القضاء على الإرهاب، وإزاحة صدام.. ثم سُلم العراق على طبق من ذهب إلى إيران التي تحكمه بالطائفية، وتمت مصادرة خيرات هذا البلد العظيم، ولا يزال العراق يسبح في الفوضى.

الأردن.. يعاني أزمات اقتصادية وهي تقع بين دول فيها صراعات وحروب.
لبنان.. يحكمه حزب الله بالطائفية البغيضة واللغة الفوقية التي لا تقبل التعايش مع الداخل فضلاً عن الخارج.

فلسطين.. جرح عربي قديم ينزف بسيوف "إسرائيل" التي فصلت مدنه، وعزلت شعبه، وطردت وقتلت الآلاف.. يكفي أن العالم يتفرج على مسلسل "صهيون" الإجرامي كل يوم عبر الشاشات دون أن يتحرك هذا العالم.

سوريا.. حولوها إلى حقل للتجارب واستعراض الأسلحة الجديدة.. يفهم من ضرب أمريكا لبشار الأسد.. أن على الأسد أن لا يفكر بعد اليوم باستخدام الكيماوي، عليه أن يقتل شعبه بالبراميل المتفجرة، والقذائف فقط.. بمعنى أن يحسن ذبح الشعب!!
"بشار" حوّل سوريا إلى رماد، وقتل وشرد شعبه، وجلب عدة دول ومليشيات تقاتل شعبه كل هذا على شان "الكرسي".....!

اليمن.. سعي حوثي حثيث لتكون اليمن في أحضان إيران.. فدمروا البلاد وأدخلوها في متاهات.

مصر.. تعاني اقتصادياً وسياسياً مما حدث لها، وملف سد النهضة الإثيوبي يتصاعد.

ليبيا.. تعاني من الحرب الأهلية، ودول المغرب العربي ما زال مجلس الاتحاد المغاربي في وضع الوفاة الدماغية؛ بسبب قضية البوليساريو أو الجمهورية العربية الصحراوية كما تسمي نفسها.

حتى دول الخليج ليست بمنأى عن مشكلات عالمنا العربي..
البحرين.. حاولت إيران اختطاف هذا البلد، وضمه إليها مستغلة شريحة متمردة.
الكويت.. تجاهد وتقاتل لئلا تغرق في المستنقع الإيراني.
قطر.. شذت عن ربعها، وسياستها بمثابة الخنجر المسموم الذي يريد طعن المقربين.
الإمارات.. ليست في منأى عن الخطر الصفوي، فإيران تحتل جزرها الثلاث.

السعودية: السعودية صاحبة مكانة إقليمية وعالمية، حاول أعداؤها عرقلتها في أن تواصل انطلاقتها التنموية وصدها عن أن تقوم بدورها الريادي، فتم تجييش الإرهاب عبر المنظمات التكفيرية والقاعدية والخمينية وغيرها لتعطيل مسيرتها وإيقاف دورها، وافتعلت لها قضايا المرأة والوهابية والصحوة والإرهاب، ولكن السعودية بحكمة قادتها خرجت وستخرج من كل ما دبّر ويدبر لها.

في كل قمة عربية يحضر الحلم العربي بتخلص العرب من أثقالهم السياسية ومن أزماتهم الحياتية، والانطلاق نحو الطريق المستقيم، فالحلم العربي "من المحيط إلى الخليج" يسطع في كل مرة وحين.. فما بعد اشتداد الأزمات إلا الانفراج، وما يعقب الظلام إلا النور.. وعلى قادة العرب والشعوب العربية أن يرفعوا شعار: "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"، ويعملوا بقاعدة: ".... إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..".

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في صحيفة تواصل، الثلاثاء 1 شعبان 1439هــ

جزاء المعروف "سبع كفوف"!!



جزاء المعروف "سبع كفوف"!!

علي بطيح العمري
هناك قصة وردت في كتاب البخلاء للجاحظ، ملخصها:
كان أحد أهل "مرو" يحج ويشتغل بالتجارة فيمر في طريقه من مدينة "مرو" على رجل من أهل العراق فيقيم عنده، فيكرمه العراقي ويضيفه ويكرمه على أفضل وجه.. فكان هذا الرجل الفارسي يتصنع الحياء ويقول لصديقه التاجر العراقي لعلمه بصعوبة حصول ذلك، والله لو زرتني في بيتي بمرو لأرد إليك بعض جمائلك وأكرمك بمثل ما تكرمني به، ثم مرت السنوات وهذا الفارسي يأتي إلى صديقه العراقي فيكرمه العراقي ولا يزال الفارسي يقول له لو جئتنا أكرمناك.
ثم حدث أن احتاج التاجر العراقي لشراء بعض البضائع من "مرو" فسافر إلى هناك وقد شجعه على السفر وخفف عليه من إحساسه بالمشقة أن صديقه الفارسي سيكرمه ويضيفه ويكون له نعم المضيف.. وفور وصول العراقي للمدينة سأل عن صاحبه فدلوه عليه، وكان العراقي لا يزال بثياب السفر وقد أتى قاصداً النزول ضيفاً على صديقه هذا، وما أن رأى العراقي من ظن أنه صديقه حتى انكب عليه يحتضنه ويقبله على نهج الصديق المشتاق، فلم يبد المروزي أي إشارة تشير إلى أنه قد عرفه، فقال العراقي في نفسه: ربما لم يعرفني لأنني ألبس العمامة!، فخلع العمامة وقال له: أنا فلان التاجر! لكن الفارسي أنكره وادعى أنه لا يعرفه، فقال العراقي: ربما لم يعرفني لأنني ألبس الملحفة!، وبعد أن خلع العراقي الملحفة ولم يتبق سوى الجلباب بادره المروزي بقوله: لا تتعب نفسك، والله لو خلعت جلدك ما عرفتك!!

هذه القصة يضرب بها المثل في نكران الجميل.. أسوأ الناس من يتنكر لمعروف صنعته فيه، ونسيان عِشرة دامت طويلاً، وضعاف النفوس والعقول بدل أن يكافؤا أصحاب المعروف ويحفظون يداً امتدت إليهم تجدهم يكابرون ويتناسون الفضل وكأن قاعدتهم "جزاء المعروف سبع كفوف"!

* "خالص جلبي" طبيب وكاتب سوري مكث في السعودية ثلاثة عقود يعمل، وفتحت له صحفنا أبوابها زمناً.. ثم غادر إلى دولة عربية وأخذ يتنكر لهذه العشرة وأفضال بلادنا، وقال عنا: قوم ليس عندهم إلا فائض من المال!!
نحن يا "خالص" أشد ندماً منك على فتح أبوابنا لأمثالك، وليس هذا هو المهم، المهم: كم خالص جلبي يعيش بيننا وبكرة سيتنكر لنا؟!

* مؤسف أن تزرع معروفاً فيمن ينساه، وأقبح من ذلك أن تفعل في إنسان معروفاً ثم لا ينساه فقط وإنما يتحول إلى خصم أو ينضم لقوافل أعدائك..
ومن يصنع المعروف في غير أهله
يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر!

* على كل.. أزرع المعروف ولا تبال فإن كان في أهله ظهرت ثمراته وبارك الله فيه..
وإن لم يكن في أهله فلا تحزن ولا تبال فما عند الله خير وأبقى.
ولله در من قال:
أزرع جميلاً ولو في غير موضعه
فلا يضيع جميل أينما زرعا!

وفي النهاية أقول:
كل شيء من حولنا يرحل ويغيب وينتهي إلا الخير؛ فإنه يظل مغروساً في النفوس الكريمة، فهنيئاً لمن يزرع الخير في كل طريق!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com
نشر في اليوم ، الجمعة 27 رجب 1439هــ

الوجه الثاني للإرهاب!!


الوجه الثاني للإرهاب!!

علي بطيح العمري
في كل عملية قبض على مروجي مخدرات.. وفي كل حالة كشف تهريب لملايين الأطنان من المخدرات العابرة لحدودنا أضع يدي على قلبي من هذه الآفة التي تغزونا؛ لأن المخدرات تفتك بمجتمعنا وتستهدف الإطاحة بشبابنا وبعقولهم ومواهبهم.. لذلك المخدرات في رأي أبي البندري - غفر الله له- هي الوجه الثاني للإرهاب.

نحن عانينا من الإرهاب الذي استهدف مجتمعنا وقتل الأبرياء وهدف إلى تدمير الممتلكات وبحمد الله تعالى استطاعت دولتنا أن تكشف الإرهابيين وأن تسقطهم جماعات وأفراداً.

المخدرات يعادل خطرها خطر الإرهاب إن لم تكن أشد منه؛ لأنها باتت تهرب بكميات كثيرة وكبيرة، وصار مروجوها يصلون حتى القرى ناهيك عن المدن الصغيرة، والكميات التي يتم ضبطها - وليس لدى إحصائية- هي جزء صغير مما يعبر حدودنا ويوزع على الشباب.

إغراق المملكة بهذه الكميات يأتي من قوى الشر، وهو هدف من أهداف الدول المعادية للإطاحة بأهم وأقوى شرائح المجتمع.. فاستقرار دولتنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لا يروق للحكومات التي تنتهج الشر، وتهوى التخريب. كما أن ترامي الأطراف وطول الحدود وصعوبة ضبطها جعل المتسللين والمجهولين يجدون بغيتهم في تهريب الممنوعات.

الجهات التطوعية التي تقوم بالتوعية وتعمل على حماية وقاية المجتمع من أضرار المخدرات لا يزال دورها ضعيفاً.. فالتوعية بشكلها الحالي تتوجه إلى الناس الصالحين والأسوياء، أما المستهدفون فهم لا يحضرون المحاضرات وبرامج التوعية، وعليه فالتوعية قد لا تصل للمستفيدين بل تصل للنخبة أو للمهتمين فقط.

اليقظة الأمنية مطلوبة لتقليل هذه المخاطر وللإطاحة بعصابات التهريب وشبكات المخدرات، وأيضاً تكثيف التوعية وتحصين مجتمعنا مهم جداً، والوصول للشباب في مرحلة الصغر لتحصينهم أمر في غاية الأهمية، والمفترض يكون من الأولويات، ويجب أن يضاف للمناهج الدراسية ما يفيد الطالب وما يكون موجهاً للمشكلات الحقيقية التي تواجه شبابنا اليوم في حياتهم.. ولابد من تعاون الجهات المسؤولة سواء كانت حكومية أو تطوعية مع الأسر لإطلاعهم على كيفية اكتشاف الإدمان حتى يتم إنقاذ الضحايا قبل أن تفتك بهم المخدرات، وتعريفهم بأساليب التعامل مع  المدمنين، وكيف يتصرفون في حال اكتشاف الأبناء المدمنين.

من الفوارق أنه بينما قوى الشر تتحرك بقوة لإغراق مجتمعنا بالمخدرات نجد الجمعيات التطوعية ذات العلاقة بمكافحة المخدرات تعاني من أزمة لتمويل برامجها، ربما بسبب عدم قناعة المتبرعين بدورها.. والأمر يحتم على المجتمع عبر مؤسساته أن يدعم هذه البرامج لتؤدي رسالتها في تنوير عقول شبابنا وحمايتهم من الإدمان، وإيقاف عبث الغاوين.

المجتمع بحاجة إلى وجود استراتيجية لمواجهة هذا الإغراق، والعمل مع الجهات الأخرى كالتعليم وقطاعات العمل والتنمية والإعلام لصفع "مافيا" المخدرات، والمحافظة على سلامة أبناء والنأي بهم إلى شط الأمان من إرهاب المخدرات، وهو إرهاب قل أن يخلو من حي من الأحياء أو قرية من القرى.

* قفلة..
حياتك أثمن من أن تدمرها بإرادتك، وأثمن من أن تهلكها برغبتك.. كن قوياً ولا ترضخ لسيطرة أصدقاء السوء.. المخدرات ضياع للصحة وإهدار للمال، وهلاك للعمر.. ومكافحتها واجب ديني وضرورة وطنية!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 13 رجب 1439هـــ

الكرات الثابتة.. والكرات المتحركة!


الكرات الثابتة.. والكرات المتحركة!

علي بطيح العمري

اللقطات الجميلة والأشياء الرائعة تستحق أن يلتقط لها عشرات "السيلفيات" والصور لا لتبقى في جوالاتنا وإنما لتظل باقية في حياة الشعوب.. في عالم الرياضة والكرة هناك لقطات تسترعي الانتباه.

"محمد صلاح" اللاعب المصري والمحترف في نادي ليفربول الإنجليزي جمع بين الإمتاع الكروي لمحبيه والأخلاق الحسنة لمعجبيه.. بات هذا اللاعب مؤثراً بأخلاقه.. أحد مشجعي ليفربول أسلم بسبب حبه لهذا اللاعب، مشجعو ليفربول قبل فترة أنشدوا للاعبهم المفضل: يا صلاح.. يا صلاح.. إن حققت أهدافا أكثر فسنكون كلنا مسلمين"، وحتى الأطفال قلدوه في سجوده وفي رسم لحيته على وجوههم.. وعلى كل حال هذا اللاعب صار ظاهرة عالمية وليس فقط عربية أو مصرية.
كثيرون أثنوا على الكابتن "محمد صلاح" في هذه الأخلاق التي ظهر بها، وخصوصاً أنها تأتي في زمن كثر فيه تناقل العالم للصور السلبية عن العرب والمسلمين، فما يقوم به "صلاح" هو دعاية إيجابية له ولعروبته وحضارته.

الأخلاق الحميدة ستجذب المعجبين إليك وإلى دينك وإلى جنسيتك بشكل جنوني أكثر من آلاف الخطب، فتصدير الأخلاق الحسنة إلى الآخرين رسالة عالية وحضارية.

صورة ثانية وهذه المرة كانت في السعودية، وتحديداً في فريق الأهلي حيث سجل محترفه "ليوناردو" هدفاً وسجد سجود الشكر مع انه غير مسلم، وحينما سئل قال: رأيت اللاعب السعودي يسجد شكراً لله وأحببت أن أسجد شكراً لله، هي حركة عابرة، لكنها ستجعل صورة الإسلام في خيال هذا اللاعب.

الفعل أبلغ من القول.. والأخلاق والتعامل العادل والجميل يؤثر في الآخرين أكثر من الكلام.

يدرك أي متابع أن جمهور الرياضة كثر، ونسبة متابعيها نسبة مرتفعة وعالية.. والناس تؤثر فيهم الصورة واللقطة لأنديتهم ولنجومهم المفضلين.. وعلى اللاعبين أن يدركوا أنهم قد يكونون أكبر دعاة بأخلاقهم ويجروا خلفهم قاطرات من المتابعين، فيكسبون الدلالة على الخير، ويفوزون بالحث على الفعل الحسن.. وفي المقابل عليهم أن يدركوا أن أفعالهم السلبية ستجد من يقلدها ويتلقفها!

كم تسوءني مناظر قصات الشعر التي تصل إلى حد التقزز، وتبلغ سوءاتها حينما أراها على رؤوس شبابنا في الشوارع وهم يقلدون قصة أو حركة لنجموهم.. كم من الثناء وعلامات الشكر خسرها ذلك النجم الذي لعب بشكله الغريب وخرب منظره!

وقد كتبت وكتب غيري عن ظاهرة القصات الغريبة التي تنمو يوماً بعد آخر في ملاعبنا دونما إيقاف لها، أو حد منها.. نجومنا من لاعبين وفنانين فيهم بذور الخير متقدة، وعليهم أن يدركوا أن هناك فئات تتأثر بهم في المجتمع فتأثيرهم يتجاوز تأثير المدرسة والقناة والمسجد!

إن وجود لاعب كرة ناجح داخل الملعب أمر مطلوب رياضيًا، وأن وجود لاعب كرة ناجح ومتألق داخل الملعب وقدوة للشباب خارجه هو هدف ذهبي لأي مجتمع.

في كرة القدم هناك كرات ثابتة وأخرى متحركة وفي الأخلاق كذلك.. الأفعال الجميلة، والسلوكيات الرائعة هي الرصيد الثابت لأصحابها في سجلاتهم ومسيراتهم.. بينما الأفعال الشاذة ستكون عابرة وغير مقيدة في سجلات أصحابها، وربما كانت تسللاً أخلاقياً محسوب عليهم!

ولكم تحياااااتي

_________________________________________________________
·        كاتب إعلامي

للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@hotmail.com

نشر في صحيفة اليوم، الجمعة 6 رجب 1439هـــ