بين حياتين!
علي بطيح العُمري
نعيش
اليوم بين عالمين.. حياة واقعية، وحياة تقنية أو إلكترونية أو رقمية.
منا من
تطغى حياته الإلكترونية على الطبيعية، وفينا من هو عكس ذلك، وفينا الوسطي الذي
يوازن بين حياتيه.
مجمعاتنا
للبشرية بدأت هجر حياتها الواقعية واتجهت إلى الحياة الرقمية بسرعات مذهلة.
لديك
أصدقاء في حياتك الطبيعة تلتقيهم في المقهى والملعب، وفي المقابل لديك أصدقاء
ومعارف إلكترونيون تقابلهم بشكل مستمر وصار بينكم وشائج رقمية، ويمكن أن تشاركهم
الثقافة، واللعب، والألعاب الإلكترونية طغت على الألعاب التقليدية التي فيها
الحركة والنشاط.
والحكومة الإلكترونية أفضل وأسرع إنجازاً؛ لا سرا، ولا راجعنا بكرة، ولا مماطلة موظف، ما تنجزه في ايام عبر الواقع تحصل عليه في دقائق نتياً.. الخدمات الإلكترونية خففت من الزحام، واختصرت الوقت وقربت البعيد.
حتى
المجرمين تقاطروا على الرقمنة، فالمتحرش الذي كان يصطاد فرائسه في الأسواق بات
(نتياً) وجدد مهنته لمتحرش إلكتروني، وقس على ذلك مروج المخدرات والساحر... تحولوا
إلى "النتنتة"، فبرزت جرائم مثل التنمر الإلكتروني، الغش، والنصب
الإلكتروني.. حتى التسول قل وجود المتسول الطيب الذي يلقي عليك خطبة يستدر بها
عطفك وجيبك في المسجد، صار المتسول رقمياً يترزز تحت التغريدات ويلج كل هاشتاق.
والدولة
تهتم بالأمن وتحصين المجتمع ضد المخربين في الواقع، ها هي تتواجد في النت عبر
الأمن السيبراني ومهمته حماية المجتمع من قراصنة النت وصد غارات العالم
الافتراضي.. التجارة الإلكترونية وجد فيها الناس ملاذاً يغنيهم عن سياط الغلاء،
وبديلاً ينأى بهم عن احتكار تجار الواقع وتحكمهم في الأسعار.
بقي أن
أقول:
مع
اندماج حياتنا الرقمية بحياتنا الحقيقية صار معيار النجاح عند بعض
"الرقميين" هو عدد المعجبين والمؤيدين. وكأنه يُقال لك إن لم يكن لك
شعبية فإنجازاتك واهية، وتلك خطيئة.
وأتعجب من ذلك التقليدي الذي يريد إرجاعك إلى (الحياة الورقية)، بعد أن من الله على الناس فصاروا رقميين، فقرطاسك اليوم وصحيفتك وكتابك تحولت إلى رقمية تبعاً لمتغيرات الحياة، وعليه فلابد أن تكون إنساناً رقمياً لا تقليدية فيه.
في
الإسلام حياتك الواقعية هي نفس حياتك الرقمية.. أنت مسؤول عن تصرفاتك وإن تسترت
خلف الأسماء الوهمية.. فكن صورة صادقة للإيجابي الذين ينفع أينما حل.
* قفلة..
قال أبو
البندري غفر الله له:
نحب
عالمنا الإلكتروني في بعض الأحايين لأننا صنعناه بأنفسنا، وكثيراً ما نتمنى أن
يتحول إلى حقيقة.
ولكم
تحياااتي
_________________________________________________________
· كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@gmail.com
نشر في اليوم، السبت 21 /8/ 1442هـ،
3 /4/ 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق