تعلمت من أبي لهب!
علي بطيح العُمري
قال تعالى: (تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله
وما كسب * سيصلى ناراً ذات لهب....).
هذه سورة المسد وتتحدث عن أبي لهب عم النبي عليه الصلاة
والسلام واسمه عبد العزى بن عبد المطلب.. كفر بالإسلام، ولم يكتف بالكفر بل أعلن معاداة
النبي وتأليب الناس عليه ودفع الأموال لمن يحارب المسلمين.
حكاية أبي لهب ليست للتاريخ فقط، إنما هي نموذج بشري يمكن
أن يتكرر في كل زمان وأي مكان.. أبو لهب نموذج لمن أعطي مالاً وولداً ولكنه يناوئ الإسلام،
ويحارب الله ورسوله.. أبو لهب نموذج لأشخاص ومنظمات ودول تحارب الإسلام اليوم.
* تعلمت من أبي لهب.. أن العقول المريضة تظل في مرضها ولن
تتعافى منه ولو أتيتها بكل مواعظ الرسل، وجمعت لها براهين الدنيا.. النفوس الهزيلة
تأتيها فرص النهوض والنجاح لكنها ترفضها.. كان بإمكان أبي لهب أن يكون أحد أكبر
رجالات التاريخ لقربه من الرسول الكريم، لكنه أختار الطريق (المنحدرة).
* الطغيان مهما علا لن يصمد أمام الحق.. هذه السورة
نزلت في أبي لهب وهو حي يرزق.. كان بإمكانه أن يسلم ولو نفاقاً ورياءً ليكذب
القرآن الذي أخبر أنه لن يسلم.. عاش أبو لهب ومات على كفره وبقي صدق القرآن.
* تعلمت من أبي لهب أن الكفار ليسوا سواءً منهم الطيب
وفيهم السيء.. قارن بين مواقف أبي طالب وأبي لهب، كلاهما كافر.. لكن الأول كان
طيباً مع النبي والآخر بذيئاً.. وعلى ضوء ذلك كان الكفار في القرآن قسمين مسالمين
ومحاربين، وكل له تعامله.
* الكلمة لها وزنها.. فالكلمة قد تخلد قائلها سواء كانت
في الخير أو الشر.. أبو لهب خُلِدت كلمته الشهيرة (تباً لك إلهذا جمعتنا) التي
قالها لما جمع النبي قريش وحدثهم عن رسالته.
* تعلمت من أبي لهب.. ألا أتعجل الحكم في أمور ليست
واضحة لي، ولا أصدر رأياً في شخص لم أعرف عنه الكثير.. التثبت حكمة، والتأني نضج.
* تعلمت من أبي لهب.. أن المال والجاه والولد.. أمور لا
تنفع من لم ينتفع بها على الوجه المطلوب.. فرق كبير بين من يتباهى بأولاده ويتفاخر
بأمواله.. وبين من يحسن التربية، ويضع أمواله في الاتجاه السليم.
* قفلة..
قال أبو البندري غفر الله له:
لقب (أبو لَهَب) ليس ذماً بل كان مدحًا له، لقّبه به أبوه
عبدالمطلب لجماله كأنّ وجهه يضيء ويبرق.
ولكم تحياتي،،،
_________________________________________________________
· كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@gmail.com
نشر في اليوم، السبت 19 /11/ 1443 – 18 /6/
2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق