لا تصاحبهم
ولا تجالسهم!
علي بطيح العُمري
التربية
هاجس الآباء، فهم يتطلعون إلى أن يكون أولادهم خير منهم وأفضل.. حتى الأب الذي
تظهر منه الأخطاء لا يريد لابنه أن يسلك طريق الخطأ ويتنكب دروبه.
والسابقون
من حكماء وبلغاء وصالحين أدركوا أثر الصديق أو الجليس لذلك اهتموا بمن يصاحب
أولادهم؛ لأن الصاحب ساحب إما إن يسحب صاحبة إلى الشقاء، وإما إلى السعادة.. هنا أحد
الصالحين يوصي ابنه حيث يقول:
يا بني، انظر خمسة لا تحادثهم ولا تجالسهم ولا
تُرى معهم في طريق..
فقال
الابن: ومن هم هؤلاء الخمسة؟
قال
الأب: إياك ومصاحبة الفاسق؛ فإنه يبيعك بأكلة أو أقل منها.
قال
الابن: ومن الثاني؟ قال الأب: إياك ومصاحبة البخيل؛ فإنه يخذلك في ماله أحوج ما
تكون إليه.
والثالث
إياك ومصاحبة الكذاب؛ فإنه يقرب منك البعيد ويباعد منك القريب.
فقال
الابن: والرابع من هو يا أبي؟
قال:
إياك ومصاحبة الأحمق؛ فإنه يحذرك ممن يريد أن ينفعك فيضرك.
والخامس
يا بني: إياك ومصاحبة القاطع لرحمه؛ لأني وجدته ملعونًا في كتاب الله عز وجل.
فهؤلاء
الخمسة وغيرهم الكثير في حياتنا هم جُلّاب بلايا لمن يجالسهم أو يصادقهم.
تأثير
الصديق أو الجليس لا يعدله تأثير آخر.. صحيح أن التربية البيتية مؤثرة والإعلام
مؤثر والمدرسة تأثيرها ضعيف، لكن يظل تأثير الصاحب أبلغ وأشد وأنفذ.
في
الإسلام يحضر تأثير الأصدقاء سلبًا أو إيجابًا..
ففي
الحديث يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم
من يخالل"، وفي حديث آخر: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك
ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا
طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة."
يوضح
الرسول أثر الجليس، فالجليس الإيجابي يشبه حامل المسك، فحامل المسك إما أن تشتري
منه ما تريد، وإما أن يقدم لك هدية، وإن لم تشتر منه فستجد منه رائحة طيبة، وكذلك
الجليس الصالح، فقد تتخذ منه مثلا أعلى تحذو حذوه، وقد تستفيد من علمه وثقافته
وتجاربه، وقد تشتهر بين الناس لاتصالك بهذا الإنسان.
أما
الجليس السوء فضرره محقق، وهو يشبه الحداد الذي يتعامل مع النار فمجالستك له
واختلاطك به يعرضانك إلى شرارة من ناره تحرق ثيابك، أو تشم منه رائحة خبيثة، وكذلك
مخالطة رفقاء السوء، فقد تتأثر بهم، فتنحرف كما انحرفوا، وإن لم تنحرف فسينظر
الناس إليك نظرة فيها ريبة بسببهم.
*
قفلة..
قال أبو
البندري غفر الله له:
حتى
وسائل التواصل الاجتماعي فيها؛ حامل المسك ونافخ الكير!
ولكم
تحياتي
_________________________________________________________
· كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@gmail.com
نشر في اليوم، السبت 6 /7/ 1444 – 28 /1/ 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق