وغلقت الأبواب
علي بطيح العُمري
تبدأ قصة النبي يوسف عليه السلام مع "زليخة" بعدما قام
زوجها بشراء يوسف كعبد مملوك فقال لها: "أكرِمي مَثواه عسى أن يَنفَعَنَا أَو
نَتّخذَه ولَدا"، فأحيط يوسف بعناية العزيز وزوجته.. ولما كبر ورأته شابًا
وسيماً فتنت به: "وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ
وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ".. أي تهيأت لك.
لم يكن فيلمًا أو لقطة من مسلسل
باذخ بل كان مشهدًا حقيقيًا خلّده القرآن، "زليخة" أجمل نساء مصر في
حينها، مع الصدِّيق الذي أوتي شطر الجمال.. لكن يوسف لم يأبه بالجمال.
تسربت أخبار "زليخة" إلى جيرانها: "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي
الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ
شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُّبِين"، ولأن زليخة تعرف طبيعة
النساء قامت بدعوتهن إلى وليمة لتفتنهن بيوسف، فأمرته أن يمر من أمام النسوة: (فَلمَّا
رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا
هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيم * قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي
لُمْتُنَّنِي فِيه".
دخل يوسف السجن بتهمة التحرش بالنساء، ولبث في السجن بضع سنين
ليخرج بعدها بريئًا باعتراف "زليخة" وصديقاتها، وتمضي أقدار الله ليكون
يوسف عزيز مصر.
ومن قصة "زليخة" تعلمت:
* النساء اللاتي قد تلتقيهن.. منهم من تكون على نمط فتاة موسى
"تمشي على استحياء" ومنهم من تكون على شاكلة زليخة "هيت لك"
مع معلومية أن زليخة لم تكن بائعة هوى فالقرآن نسب إليها مراودة يوسف ولم يتهمها بالوقوع في الزنا وأنها
تابت واعترفت ويرى بعض العلماء كابن كثير أن يوسف تزوجها كما في الإسرائيليات.
* أن المعصوم من عصمه
الله، والمفتون من تركه الله لشهواته، ومن كان مع الله لن يخيب.
* في الحياة هناك حرب بين الحق والباطل لا تهدأ أبدًا، الأسماء
والأماكن هي التي تتغير فقط، صراعك مع (زليخات) اليوم هو صراع العفة والشهوة في كل
عصر.
* العالم كله لا يمكنه أن يجبرك على فعل ما لا تريد فعله، فتوقف عن
التعلل بالظروف.
* الناس قد يلبسونك تهمة ويلفقون لك قضية حتى ولو كنت نزيهًا.
* الخلوة بالنساء الأجنبيات خطر، والغزل
يبدأ بابتسامة فكلام فموعد فلقاء.
* "وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَاب"، المعاصي في كل زمان وتجدها في
كل مكان تتهيأ لك، والموفق من عصمه الله وحكم عقله.
* "وَرَاوَدَتْه".. المراودة قد تأتيك في أشكال مختلفة، مال
يطغيك، أو امرأة حسناء تخرفنك، أو صديق يحاول يوقعك في مشكلة، وشياطين الإنس لن
يتركوك وشأنك.
* "وَاسْتَبَقَا الْبَاب"، كلاهما يسابق الآخر.. لكن واحد
هارب من المعصية وآخر راغب فيها.. وعلى المرء الهروب والابتعاد عند تعرضه لأي فتنة مالية كانت أو
جنسية.
* قفلة
قال أبو البندري غفر الله له:
الفرار من المعصية (نجاة).. والفرار إلى المعصية
(هلاك)!
ولكم تحياتي،،،
___________________________________________
·
كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@gmail.com
نشر في اليوم، الأربعاء 12 /7/ 1445 – 24 /1/ 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق