Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

السبت، 13 سبتمبر 2025

رؤيا الملك

 

رؤيا الملك

علي بطيح العُمري

رأى ملك مصر رؤيا أزعجته وأقضت مضجعه، رأى سبع بقرات سمان وسبع بقرات عجاف، وتقوم البقرات العجاف بالتهام وابتلاع البقرات السمان، ثم رأى سبع سنابل خضراء مقابل سبع يا بسات فتلتف اليابسات على الخضراوات.

قص الملك رؤياه على الناس، وصارت حديث المجالس، وحار الناس في تعبيرها.

هنا انبرى أحد الخدم في قصر الملك وأخبرهم أن هناك رجل في السجن يعبر الرؤى.

ذهب الرجل الى يوسف السجين بأمر الملك ليعرف تعبير الرؤيا، فأخبره يوسف بأن هناك سبع سنوات رخاء ووفرة ستمر بها مصر ثم يأتي بعدها سبع سنوات يحصل فيها الجدب والقحط.

عبرها عليه السلام وأشار لهم بما يفعلونه من التدبير لمواجهة الجدب والشدة، فقال: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا) أي: تزرعون سبع سنين متتابعات، (فَمَا حَصَدْتُمْ) من تلك الزروع (فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ) أي: اتركوه في السنابل منعا للتسوس، (إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ) أي: إلا قليلا مما تحتاجونه للأكل من الحبوب.

(ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ) أي: بعد تلك السنين السبع المخصبات (سَبْعٌ شِدَادٌ) أي: مجدبات جدا (يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ) أي: يأكل الناس فيها جميع ما ادخر في السنين المخصبة، (إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ) أي مما تحفظونه من البذور، حتى يزرع بعد سنين الجدب والشدة.

 

سر الملك بتعبير الرؤيا.. وطلب احضار يوسف الذي رفض الخروج حتى يحقق في قضية الزج به في السجن على يد زليجة التي راودته وصديقاتها. وفعلا حقق الملك في القضية واعترف النسوة بطهارة يوسف ليخرج أمام الملأ بريئا.

وفي لقائه بالملك طلب منه يوسف أن يجعله على خزائن مصر، ليقوم برؤيته الاقتصادية لإخراج مصر من خطر المجاعة والجدب الذي ستتعرض له، ليكون يوسف هو عزيز مصر الجديد بدلا من عزيزها السابق "زوج زليخة".

 

ومن تلك القصة نتعلم:

* أن الزمان يتقلب والدنيا دوارة.. فقد يمسي المرء رجلا عاديا ثم يصبح صاحب منصب عال أو مكانة رفيعة، فلا تحتقر ولا تتعالى على أحد.

 

* في الإسلام نهى الرسول – عليه الصلاة والسلام - عن سؤال الامارة – المنصب – فقال لرجل:  لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها.. لكن يوسف طلب الإمارة لما قال للملك: "اجعلني على خزائن الأرض".

هنا تظهر الموازنة بين الآية والحديث.. إن كنت لا تقدر وغير مؤهل فلا تطلب المناصب دعها لأهلها أما إن كنت مؤهلا لتقوم بها فلا بأس من طلبها، فملء المناصب بالأخيار خير للعباد.

 

* الفساد يكون غالبا من سوء الإدارة لا من قلة الموارد، فيوسف نجا بأهل مصر من القحط لم يأت لهم بموارد جديدة، وإنما بعقلية جديدة لإدارة الموارد الموجودة.

 

* الله دوما يختار سلاحا لنصر المظلومين لا يخطر على بال أحد، كان سبحانه قادرا أن يرسل ملائكة تحطم أسوار السجن ويخرج يوسف.. لكن سلاح المعركة هنا كان حلما ورؤيا.

 

* طريقة التعامل في الرخاء ووقت السعة تختلف عن وقت الشدائد وأوقات الأزمات، وما كان بالأمس مناسباً، قد يكون الاستمرار عليه اليوم وبالا وهلاكا.

 

* "قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُون".. في وجود الأزمات الاقتصادية يكون الادخار أعلى من الانفاق (فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون)، وللأسف الناس لا يبالون وقت الرخاء، فيصرفون أموالهم دون حساب.

 

 

* قفلة

قال أبو البندري غفر الله له:

الادخار ثقافة.

ولكم تحياتي،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق