نهينا عن التكلف
علي بطيح العُمري
ما أجمل البساطة، والبسطاء!
وما أقبح التكلف والمتكلفين!
في عصرنا طغت المادية على بساطة الحياة فبات التكلف سمة للكثير إلا
من رحم الله.
ولو قارنا بين الحاضر والماضي، لوجدنا أن جودة الحياة اليوم أفضل
من حيث الخدمات والتقنية ووسائل الراحة، وفي الماضي أروع من حيث البساطة وعدم
التكلف، ورخص المعيشة.
زماننا اليوم عصر تكلف بكل معانيه، يخيل إليك أن الناس في سباق "ماراثوني"
نحو التكلف والمغالاة في كل شيء..
تكلف في العيش واقبال غير طبيعي على الكماليات.. تكلف في حفلات
الزواج حتى بات الزواج من الأمور الشاقة.. تكلف في الضيافة حتى صارت الزيارات
الأخوية ثقيلة.. تكلف في الملابس والإكسسوارات، وبذخ في الحفلات والمناسبات
والمظاهر الاجتماعية، حتى في أسماء الأولاد خاصة البنات نتكلف لدرجة أننا نجد
أسماءً غريبة وليس لها معنى، كل ذلك من أجل التكلف والبحث عن أسماء شاذة.
وفي ذم التكلف قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: (نهينا عن
التكلف) والناهي هو الرسول الكريم فإذا قال الصحابي نهينا فكأنه قال نهانا الرسول
صلى الله عليه وسلم عن التكلف.. وقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، كُل، جعلني الله فداك،
مُتَّكئًا؛ فإنه أهون عليك.. قال: لا، بل آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس
العبد".
التكلف هو أن تتكلف حالًا ليست لك، كأن تتزيَّا بمال غيرك، وهو تعاطي
ما فيه مشقَّة قولًا كان أو فعلًا.. والتكلّف الاجتماعي؛ سعي الناس للعيش في مستوى
معيشي أكبر من إمكانياتهم المادية سواء لوقت محدود أو بشكل دائم.
التكلف شاق ومذموم في كل نواحي الحياة.. اوله سلبيات كثيرة؛ فهو
طريق لإغراق المرء في الديون، وفيه تعسير الأمور الحياتية السهلة، ومنه تخلق
العادات السيئة.
سر جمال الحياة يكمن في "البساطةُ"، فالحياة سهلة وعيشها
يسير إن رأيتها كذلك، لكن الناس بتكلفهم وتشدداتهم يصنعون الصعوبات ويعقدون السهل،
ومن أجل "البساطة" والبعد عن التكلف كانت القناعة كنز لا يفنى، وأول درجة
في سلم الراحة أن تتقبل ذاتك وتعيش بواقعية لا تصنع فيها.
* قفلة
قال أبو البندري غفر الله له:
البساطة فن، قال شاعر شعبي:
ما ميّز الماضين غير البساطة
وما خرّب التالين غير التكلّف
ولكم تحياتي،،،
___________________________________________
·
كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@gmail.com
نشر في اليوم، الأربعاء 19 /7/ 1445 – 31 /1/ 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق