تحدث مع أهله ساعة!
علي بطيح العُمري
في الحديث يا سادة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
بت عند خالتي ميمونة، فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد،
فلما كان ثلث الليل الآخر قعد، فنظر إلى السماء فقال: {إن في خلق السماوات والأرض
واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} ثم قام فتوضأ واستن، فصلى إحدى عشرة
ركعة، ثم أذن بلال فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الصبح».
مربط الفرس جملة: فتحدث مع أهله ساعة...
حياتنا لم تعد مثل الحياة في الماضي.. التقنية وَنمط
الحياة المتسارع، وحالة "الفردانية" - أي عيش المرء منفردًا- أحدثت
شروحات في حياتنا..
هناك ما يمكن أن نسميه "الأسر الفندقية"..
العائلة الواحدة تعيش في البيت الواحد كما يعيش نزلاء الفندق، لا أحد يدري عمن
بجواره... في حياة الأسرة الفندقية.. تسأل الأخ عن أخيه ليرد عليك: لا أدري عنه مع
أنه يعيش معه في نفس البيت.. الأب لا يلتقي أولاده كثيرًا، الأولاد المراهقون
يعيشون داخل البيت منفردين في غرفهم الخاصة لا يحتكون ببقية أفراد الأسرة إلا
لمامًا..
وحتى لو قدر واجتمعت العائلة في جلسة ما، يتواجد
الواحد منهم مع الأسرة بجسده، أما فكره وعقله فمع أصدقائه الافتراضي ين، ومع
أصحابه التقنيين.. حياة الأسر الفندقية انتجت الجفاف العاطفي، وجففت منابع التواصل
الاجتماعي.
* "فتحدث مع أهله ساعة".. درس نبوي في ذم
العلاقات الباردة والفاترة، وتجديد العلاقات الحميمية وترتيب حياتنا الاجتماعية مع
الأسرة.
* "تحدث مع أهله ساعة".. رسالة في ألا
تشغلنا القضايا الكبرى وتأخذنا الاهتمامات الكثيرة عن الأشياء المهمة وعن
"الأقربين".
* "تحدث مع أهله ساعة".. الرسول الكريم على
جلالة قدره وعظيم مسؤولياته لكنه لم ينس واجباته كزوج وكأب وكرب بيت.
* "تحدث مع أهله ساعة".. جملة تقول لك: سافر
مع عائلتك، وترفه مع أولادك وشاركهم لحظاتهم الجميلة واستمع لهم، بعضهم يسافر مع
أي أحد إلا مع عائلته لا يسافر إلا للضرورات، وبعضهم يتسع صدره لسماع حكايات الناس
ومشكلات العالم إلا سوالف عائلته لا يحب سماعها.. بعضهم من سنوات طويلة لم يتناول
العشاء مع أسرته.
أخيرًا..
عائلتك هي الشيء الوحيد الذي سيظل معك حتى آخر الحياة،
وهي المأوى الوحيد لك إذا أجبرتك الظروف على القعود في البيت.. لذا لا تأخذك زحمة
العلاقات عن عائلتك، ولا تنخدع بالعلاقات الأخرى فكل العلاقات راحلة.
تقول ممرضة أسترالية أمضت سنوات عدة في العمل في مجال
رعاية المرضى وكبار السن في المستشفيات، وضمنت هذه التجربة في كتاب، ذكرت أسباب
ندم عليها كبار السن الذين رعتهم هذه الممرضة ومن ضمن ما ندموا عليه: عدم جلوسهم
مع عوائلهم وفوات الاستمتاع بأطفالهم ورفقة زوجاتهم.
* قفلة
قال أبو البندري غفر الله له:
ضجيج العائلة هو أجمل ضجيج في الحياة.
ولكم تحياتي،،،
______________________________________________
· كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@gmail.com
نشر في اليوم، السبت 1 /3/ 1445 – 16 /9/ 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق