بقرة بني إسرائيل
علي بطيح العُمري
تعددت الروايات في قصة بقرة بني إسرائيل، وتدور كلها
حول جريمة قتل حصلت لرجل ثري في زمن النبي موسى عليه السلام، واختصم الناس في شأن
المقتول وكادت تنشب حرب بين قبائل بني إسرائيل، وحين أعياهم الأمر، لجأوا إلى موسى
ليحل لهم هذه المشكلة، فسأل موسى ربه فأمرهم الله بذبح بقرة.
اتهموا نبيهم بأنه يسخر منهم، فبين لهم موسى أن كشف
الجريمة لا يكون إلا بذبح البقرة، طبعًا أمرهم الرب سبحانه بذبح بقرة وينطبق على
أي بقرة لكن بني إسرائيل يحبون الجدل ويهوون المراوغة.
بدأوا عنادهم بأن تساءلوا: أهي بقرة عادية؟!
ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة
بأنها ليست بقرة مسنة، ولا بقرة صغيرة بل هي متوسطة العمر.. لم يكتف القوم بذلك
فطلبوا تحديد لونها، فأخبرهم بأنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر من نظر إليها.
ويواصل القوم عنادهم، ويسألون أن يبين لهم أكثر لأن
البقر تشابه عليهم، فيخبرهم بأنها ليست معدة لحرث ولا لسقي، وأنها سليمة من
العيوب.
بدأوا البحث عن بقرة بهذه الصفات إلى أن وجدوها عند شاب
يتيم ورثها وأمه عن أبيه، فاشتروها بأضعاف ثمنها وذبحوها وما كادوا يفعلون.
أخذ موسى بجزء من البقرة وضرب به القتيل فنهض من موته،
فسأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه وقيل أشار إلى القاتل، ثم عاد إلى الموت.
شاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم،
وانكشف غموض القضية التي حيرتهم وانحلت مشكلة عصفت بهم.
من قصة بقرة بني إسرائيل تعلمت:
* الأوامر الربانية سهلة التنفيذ (ان تذبحوا بقرة)،
وكان علي بني إسرائيل ان يسلكوا أقصر الطرق لكنهم لم يفعلوا وصعبوا الأمر بالبحث
عن التفاصيل، والشيطان يسكن في التفاصيل كما قيل.
* القرآن يصور لنا الشخصية "اليهودية".. فلا
يزال القوم هم هم في العناد ضد الحق، وتعطيل العمل بالعدل، والتحايل على أوامر
الله وأنبيائه فكيف بمن هم دونهم.
* مهما بلغ الخداع، وتغطية الحقيقة، سيظهر الحق، وينكشف
الظالم، والباطل مهما طال ليله لا بد أن ينتهي.
* قال عليه الصلاة والسلام: (أنا زعيم ببيت في ربض
الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا) والمراء هو الجدال، لا تكثر من مجادلة الناس
حتى وإن كنت على حق، قد يدخلك جدالك مع أحمق وسفيه فيغلبك بحمقه عندها لا يفرق
الناس بينكما، وقد تجادل ذكيًا فيغلبك، وقد تجادل وضيعاً فيحط من قدرك.
* قدرة الله سبحانه لا تحدها قدرة، فهو سبحانه لا يعجزه
شيء، فالله أحيا قتيل ليدل على اسم قاتله، كان هذا حلا لمشكلة طالت بني إسرائيل
وعصفت بهم، وقد يحدث بسببها التفرق والاقتتال.. إنه فرج الله يأتي بأي صورة، فهنا
كان الحل بأحياء ميت، وفي مشكلة مريم عليها السلام كان الحل أن تصمت ليتكلم ابنها،
وفي قصة أصحاب الأخدود كان الحل أن يموت الغلام ليظهر الحق للملأ.
* القاتل قريب للمقتول أراد أن يعجل بقتله ليرثه، لذا
لا تستعجل رزقك، فمن استعجل شيء عوقب بحرمانه.
* قفلة
قال أبو البندري غفر الله له:
احط نفسك بالتيسير وابتعد عن التشدد في حياتك وعاداتك.
ولكم تحياتي،،،
______________________________________________
·
كاتب صحفي
للتواصل
تويتر: @alomary2008
إيميل: alomary2008@gmail.com
نشر في اليوم، السبت 25 /5/ 1445 – 9 /12/
2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق