Translate

|| خارج التغطية ••

مقالات الكاتب: علي بطيح العُمري

الاثنين، 1 يونيو 2015

أستاذي .. علمني الكذب!

أستاذي .. علمني الكذب!

علي بطيح العمري

       دخل الأستاذ الفصل وكتب المادة والموضوع ، ثم التفت إلى طلابه فقال: اليوم نتحدث عن الصدق تلك الخصلة التي تدخلنا الجنة ، وأخذ يستطرد في الحديث ولم يقطع صوته سوى طرق خفيف على الباب وإذ بطالب يطل من فتحة الباب ، أستاذ لو سمحت هل عندكم مساحة؟ التفت إليه وقال: لو سمحت أغلق الباب ليس لدينا مساحة! ثم اقبل على حديثه فيما كانت أعين طلابه تناظر تلك المساحة المجاورة لحقيبته!!!
الطالب لن يسجل شريط المعلومات القولية لهذا الدرس في عقله الباطن بل الذي يُسجل ويبقى هو التصرف وتصريف الطالب بالكذب ؛ فهو الموقف الأكثر بقاءً في ذهنية من حولك!

وقريب من هذا ذكر غازي القصيبي صب الله عليه شآبيب رحمته في كتابه الماتع "حياة في الإدارة" موقف لأحد مدرسيه إذ يقول ما معناه: كان يفتش علينا أحد الأساتذة في المدرسة ويفاجئك بسؤاله: هل استحميت؟ فالطالب الذي يقول نعم حتى وإن دلت القرائن على أنه لم يغتسل من اسبوع ينجو من العقاب ، بينما الطالب الذي يقول لا وإن كان نظيفاً يهوي على يديه بالعصا!! ويقول القصيبي علمنا هذا الأستاذ أن نكذب كي ننجوا من العقاب!
أحياناً نقول أشياءً لكن أفعالنا وتصرفاتنا تناقضها وتتعاكس معها ، والناس في المجتمع لا يأبهون بالكلام والتصريحات بل يهمهم الفعل والعمل وقديماً قالوا: الرجال بأفعالها.. وهذا المقياس في كل نواحي الحياة ، فحتى تصريحات المسؤولين لا قيمة لها بدون أفعال!

وقضية أن نقول ولا نفعل ليست حصرية على المدرسين فحتى الآباء قد يهدمون "القدوة" التي يفترض أن يتمثلوها مع أسرهم وأولادهم، ولربما سمعت عن طفل فتح الباب وقال بالبنط العريض لمن سأله عن والده: "أبوي يقولك مو موجود"!!!!!
هذه الصورة تلغي دروس الأب التي يلقيها على أولاده في الحث على الصدق وترك الكذب!
إن الازدواجية بين القول والفعل بشكل عام وعدم امتثال ما نقوله وما نحث عليه يغرس في نفس الطالب أن ما يقال شيء وما يفعل ويمارس شيء آخر، وأن تلك القيم ما هي إلا للحفظ والاختبار وأنها غير قابلة للتطبيق!
وللأسف حتى تقييم الطلاب في المدارس يخضع للقول أكثر من العمل والتطبيق.. اسأل طالباً عن واجبه تجاه القرآن الكريم.. سيكون من ضمن الإجابات : المحافظة عليه!! وكتطبيق عملي الق نظرة على مصحفه هل يطبق ما يقول؟! أم مجرد أداء اختبار؟!!

أخيرا:
في عالم التربية – وكل مناحي حياتنا - جدير بكل تربوي وكل قيّم على أسرة أن ينتبه لما يقول وألا يخالف قوله فعله وإلا لهدمنا ما نسعى لإصلاحه ولوقعنا في أشد البغض .. قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ).


ولكم تحياااااتي.

للتواصل

تويتر: @alomary2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق